الرعيل الأول
معارضة لقصيدة ابن التعاويذي في مدح صلاح الدين إِنْ كَانَ دِينُكَ فِيْ الصَّبَابَةِ دِينِي فَدَعِ الحَنِينَ إِلَى الْغَوَانِي الْعِينِ وَدَعِ الطُّلُولَ وَذِكْرَهُنَّ وَمَا حَوَى مَغْنَى الْعُذَيْبِ وَوَاحَتَيْ يَبْرِينِ وَذَرِ الطُّيُوفَ وَإِنْ تَعَاقَبَ زَوْرُهَا وَتَوَسَّلَتْ بِنَوَاضِرٍ وَجُفُونِ وَأَقِمْ هَوَاكَ كَمَا أَرَدْتَ فَإِنَّنِي بِعْتُ الصَّبَابَةَ نَاجِزًا بِيَقِينِ لِيْ فِيْ المَحَبَّةِ شِرْعَةٌ مَوْرُودَةٌ أَعْصَي الْفُؤَادَ لَهَا وَلَا يَعْصِيني شَغَفَتْ فُؤَادِي أُمَّةٌ مُخْتَارَةٌ زَكِيَتْ بِهَدْيِ المَصْطَفَى المَسْنُونِ فِإِمَامُهُمْ خَيْرُ الْأَنَامِ وَقَرْنُهُمْ فِيْ الْأُمَّةِ الْعَصْمَاءِ خَيْرُ قُرُونِ فَلَهُمْ وَقَفْتُ مَحَبَّتِي وَتَتَيُّمِي وَلَهُمْ صَرَفْتُ عَلَاقَتِي وَحَنِينِي السَّابِقُونَ لِكُلِّ خَيْرٍ دَائِمًا وَالْجَابِرُونَ مُصِيبَةَ المَحْزُونِ وَالقَانِتُونَ إِذَا النُّجُومُ تَغَوَّرَتْ وَسَجَى الظَّلَامُ بِرَوْعَةٍ وَسُكُونِ وَالصَّابِرُونَ إِذَا الرِّمَاحُ تَنَاوَشَتْ وَتَزَلْزَلَتْ مُهَجٌ بِرَيْبِ مَنُونِ وَالشَّاكِرُونَ بِكُلِّ حَالٍ نَابَهُمْ وَالْفَائِزُونَ بِوِرْدِ خَيْرِ مَعِينِ رَشَفُوا الحَقَائِقَ مِنْ مَعِينٍ صَادِقٍ نَصِّ الْكِتَابِ وَسُنَّةِ المَأْمُونِ الزُّهْدُ فِيْهِمْ آيَةٌ مَنْشُورَةٌ وَالْعِلْمُ مَا فِيْ الجَوْهَرِ المَكْنُونِ وَالنَّصْرُ مَعْقُودٌ بِرَايةِ حَرْبِهِمْ وَالذِّكْرُ يَغْذُوهُمْ بِكُلِّ هَتُونِ سَلَكُوا إِلَى الْأُخْرَى الْجِهَادَ جَمِيعَهُ وَتَرَفَّعُوا عَنْ فِتْنَةِ المَفْتُونِ عَرَفُوا حَقَارَةَ كِلِّ عَيْشٍ زَائِلٍ فِيْ جَنْبِ جَنَّاتٍ ذَوَاتِ فُنُونِ قَصَمُوا الطُّغَاةَ بِكُلِّ أَبْيَض بَاتِرٍ وَسَقَوا سِنَانَ الْأَزْرَقِ المَسْنُونِ وَبَنَوْا عَلَى الْعَدْلِ المَتينِ أُمُورَهُمْ إِذْ كَانَ أُسُّ الظُّلْمِ غَيْرَ مَتِينِ المقسِطُونَ إِذَا وَلَوْا في حكمهمْ وَالمَاحِضُونَ الخَلْقَ نُصحَ أَمِينِ لَا تَسْأَمُ الدُّنْيَا حَلَاوَةَ ذِكْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مُمْتَدَحٍ وَكُلِّ أَذونِ صَدَعُوا بِنُورِ الْحَقِّ آفَاقَ الدُّنَا وَغَزَوْا نَوَاصِيهَا بِكُلِّ صُفُونِ رَفَدُوا الْوُجُودَ مِنَ الْحَيَاةِ بِرَافِدٍ أَحْيَا رَمِيمَ مُضَلَّلٍ وَدَفِينِ هَدْيٌ تَخِرُّ لَهُ النُّجُومُ تَوَاضُعًا رُكْنٌ مِنَ الْإِخَلاصِ جِدُّ رَكِينِ أَضفَوْا عَنْ المَوْتَى حَيَاةَ قُلُوبِهِمْ وَحَلاوَةَ النَّجْوَى وَفَيْضَ عُيُونِ فَالنُّونُ فِيْ القَامُوسِ يُسْمَعُ قَانِتًا يَبْكِي وَلَكِنْ لَا يُرَى ذَا النُّونِ لَكِنَّ نُورَ القُرْبِ أَفْشَى سِرَّهُمْ مِنْ هَالَةٍ سَطَعَتْ بِكُلِّ جَبِينِ وَوَضَاءَةُ التَّقْوَى تَزِينُ وُجُوهَهُمْ صَانُوا الجَمِيلَ فَفَاحَ طِيبُ مَصُونِ شَهِدَتْ عَلَيْهِمْ فِيْ الدُّجَى آثَارُهُمْ وَالنُّورُ أَجْلَى شَاهِدٍ لِغُصُونِ شَادُوا عَلَى التَّقْوَى المَسَاجِدَ فَازْدَهَتْ وَقِوَامُها سَعَفٌ أُنِيطَ بِطِينِ لَكَنَّهَا فَاقَتْ شُمُوخَ سَوَامِقٍ وَرُسُوخَ أَوْتَادٍ ذَوَاتِ قرونِ جَلَّتْ مَآثِرُهُمْ وَطَابَ ثَنَاؤُهُمْ فِيْ كُلِّ صَرْحٍ لِلْفِخَارِ رَصِينِ عَزَفُوا عَنْ الدُّنْيَا لِنُصْرَةِ دِينِهِمْ فَأَعَزُّ دُنْيَاهُمْ ظُهُورُ الدينِ سَادُوا الشُّعُوبَ بِعَدْلِهمْ فَتَحَنَّفَتْ طَوْعًا وَسَاسُوهَا بِرَأْيِ فَطِينِ هُمْ عَلَّمُوا الْأُمَمَ الْحَيَاةَ وَأَيْقَظُوا فِطَرَ الْقُلُوبِ بِغَايَةِ التَبْيِينِ إِيْمَانُهم يَزِنُ الجِبَالَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى وَهِمَّتُهُمْ وَرَاءَ الصِّينِ الْلَيْلُ يَحْدُوهُمْ لِرَفْعِ ضَرَاعَةٍ مِنْ كُلِّ كَفٍّ بَالْعَطَاءِ قَمِينِ يَتْلُونَ آيَ الذِّكْرِ مَا سَكَنَ الدُّجَى مِنْ ذِي أَزِيزٍ بَيْنَهُمْ وَخَنِينِ أَنَّى دَعَا دَاعِي الْجِهَادِ وَجَدْتَهُ بِالنَّفْسِ وَالْأَمْوَالِ غَيْرِ ظَنِينِ خَرَّتْ لِعَزْمِهِمِ المُلُوكُ فَمَا نَجَى نَاءٍ وَلَا مُسْتَعْصِمٌ بِعَرِينِ رَكِبُوا إِلَيْهِمْ كُلَّ أَشْقَرَ سَابِحٍ لَمْ يَحْفَلُوا بِمَعَاقِلٍ وَحُصُونِ وَاسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ مَكَامِنِ عِزِّهِمْ مِنْ كُلِّ قَصْرٍ بِالْقِلاعِ حَصِينِ الْبَرُّ يَرْمِيهِمْ بِكُلِّ كَتِيبَةٍ وَالْبَحْرُ يَقْذِفُهُمْ بِكُلِّ سَفِينِ تَاللهِ مَا بَاعُوا الحَيَاةَ رَخِيصَةً إِلاَّ بِعَقْدٍ لَيْسَ بِالمَغْبُونِ أُوذُوا فَمَا هَانُوا وَكَانَ مَصِيرُهُمْ مَا بَيْنَ أَهْلِ شَهَادَةٍ وَسَجِينِ مَنْ سَارَ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِ طَرِيقِهِمْ أَفْضَتْ خُطَاهُ إِلَى الْعَذَابِ الْهُونِ مَاذَا تَقُولُ؟ وهَلْ تُسَامِي قَدْرَهُمْ مَهْمَا أَجَدْتَ وَقُلْتَ فِيْ التَّأْبِينِ يَفْنَى الثَّنَاءُ وَلَا يُحِيطُ بِحَقِّهِمْ فَلَهُمْ عَلَيْنَا رِقُّ كُلِّ مَدِينِ