يقول: (قال الله عز وجل: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ))[التوبة:11]، فالتوبة من الشرك جعلها الله قولاً وعملاً بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة).
فـ التوبة من الشرك ليست أن يقول العبد: تبت وكفرت بما كنت أعبد من الأوثان، وأنا مؤمن، ثم يذهب ولا يفعل شيئاً، ولكن التوبة من الشرك جعلها الله قولاً وعملاً، يعني: أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، فلهذا قال تعالى: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ))[التوبة:11] أي: في الإيمان، والدين هو الإيمان.
قال: (وقال أصحاب الرأي: ليس الصلاة ولا الزكاة ولا شيء من الفرائض من الإيمان؛ افتراء على الله وخلافاً لكتابه ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولو كان القول كما يقولون لم يقاتل أبو بكر أهل الردة).
أي: لو كان القول كذلك، وأن الناس إذا أتوا بالواجبات الظاهرة أو لم يأتوا بها على سواء، فلماذا قاتل أبو بكر ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم من ترك الزكاة؟! وانظر الآن إلى كثير من الناس ممن يتركون الزكاة، إذا قلت لأحدهم: زك؛ قال: الإيمان في القلب.
ولو كان الأمر كذلك لقال تاركو الزكاة: الإيمان في القلب، ولن نؤدي زكاة أموالنا، ولقال لهم الصحابة: أنتم أحرار، والحال أنه ما كان ذلك أبداً، وإنما قاتلوهم وسموهم أهل ردة؛ لأنهم لم يدفعوا حق الله وإن كان لهم تأويل، ولكن ليس كل تأويل مقبولاً فكثير من المسلمين يجهل هذه الحقائق، ويظن أن الإيمان مجرد القول أو الإقرار أو الانتساب إلى هذا الدين، ثم بعد ذلك يفعل ما يشاء، ويترك من الواجبات ما شاء ويرتكب من المحرمات ما شاء، ويريد أن تكون الحياة العامة في البلاد كلها كما يرى من مناهج وتصورات وآراء ونظريات غربية أو شرقية قديمة أو محدثة.