من المعلوم لدى الباحثين في الفرق واختلافها أن لكل فرقة أساساً منهجياً تتفق عليه طوائفها وترجع إليه أصولها وقواعدها، وكل من خالف فيه خرج عن انتسابه لها، ومن لم ينطبق عليه لم يدخل فيها.
فمثلاً كل من قال: بالأصول الخمسة فهو معتزلي، ومن قال: إن الإنسان مجبور على أفعاله فهو جبري، وكل من قال إن الإيمان هو المعرفة أو التصديق فهو مرجىء، وكل من قال بالكلام النفسي والكسب فهو أشعري.. إلى آخر ما هو معروف.
وهذا ضابط منهجي يحدد به الباحث الفرقة والانتماء إليها.
وبتطبيق هذا الضابط الذي لا خلاف في تحديده يتبين قطعاً أن
المرجئة و
القدرية و
المعتزلة ليسوا من
أهل السنة والجماعة وهذا ما تقوله
الأشاعرة ولا تخالف فيه.
ومن الثابت عن كثير من
السلف، وعليه جرى المصنفون في الفرق والمقالات من
أهل السنة و
الأشاعرة، أن أصول الفرق الثنتين والسبعين الخارجة عن
أهل السنة والجماعة أربع "
القدرية، و
الشيعة، و
الخوارج، و
المرجئة".
فنقول بعد ذلك:
إذا كان المرجىء والقدري ليسا من
أهل السنة فما حكم من جمع بين الإرجاء والقدر، أو الإرجاء والجبر، أو جمع بين أصول
المعتزلة وقول
الرافضة؟
أيكون هذا من
أهل السنة والجماعة أم أكثر بعداً منهم؟
والجواب الطبيعي معروف.
وعليه نقول:
1- إذا كانت
المرجئة الخالصة [أي التي لم تخلط بالإرجاء شيئاً من البدع في الصفات أو غيرها ليست هي
أهل السنة والجماعة ولا منهم، فكيف يكون حال
الأشاعرة الذين جاءوا بالإرجاء كاملاً وزادوا عليه بدعاً أخرى في أبواب العقيدة الأخرى كما مر سابقاً.
2- إذا كانت
الجبرية الخالصة ليست هي
أهل السنة والجماعة ولا منهم، فكيف يكون حال
الأشاعرة الذين جاءوا بالكسب [الذي اعترف كثير منهم بأنه جبر وإن لم يكن جبراً فهو بدعة على أي حال] وزادوا عليه كما سبق.
أضف إلى هذا أن كل ذم
للصوفية فـ
للأشاعرة منه نصيب لأن أكثر أئمة
الصوفية المنحرفين كـ
الغزالي و
ابن القشيري كانوا
أشاعرة...
3- هل يرضى
الأشاعرة أن يقال عنهم
معتزلة؟
فإن قالوا: لا. وهو المتوقع.
قلنا: و
أهل السنة والجماعة لا يرضون أن يقال عنهم
أشاعرة أبداً.
فإن خالفونا، قلنا: تعالوا لنقيس نحن وأنتم المسافة بينكم وبيننا وبينكم وبين
المعتزلة وعندها ترون أنكم أقرب إليهم منكم إلينا وإن كنتم أقرب إلينا منهم.
4- لو أن أي باحث في الفرق يعرف أصولها وضوابط تحديدها اطلع على كتب فرقة من الفرق أو علم من الأعلام فوجدها مملوءة شتماً وتضليلاً وتبديعاً وتكفيراً لفرقة معينة.
فهل يجوز له أن يكتب في بحثه أن هذه الفرقة وتلك سواء؟
أو أن هذا جزء من هذه؟
وهل يَقبل هذا منه أي أستاذ للفرق والمذاهب؟
بل لو سمعت أحداً من العامة يشتم طائفة من الناس فقلت له: أنت منهم، أفيرضى بهذا أم يعتبره شتماً له؟
فما القول إذاً في
الأشاعرة الذين تمتلئ كتبهم بشتم وتضليل وتبديع
أهل السنة والجماعة وأحياناً بتكفيرهم، أيصح بعد هذا أن نقول: إنهم منهم؟
وإن أردت التأكد فاسأل أي أشعري ما المراد بقول
الرازي أو
الجويني أو
الإيجي... إلخ [
الحشوية،
المجسمة،
النابتة، مثبتو الجهة، القائلون بأن الحوادث تحل في الله... ] إلخ.
إن الأجوبة كلها بدهية ولكن ماذا نصنع وقد ابتلينا بمن ينكر البدهيات!