ثبت في الصحيحين حديث محاجة ومخاصمة موسى وآدم عليهما السلام، وكانت بداية الخصومة من موسى -وهذا مما يؤخذ ضمن الشواهد هنا- فقد قاله موسى لآدم صلوات الله وسلامه عليهما قال: {أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، خيبتنا وأخرجتنا من الجنة! فأجابه آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته، وبكلامه، وخط لك التوراة بيده!}.
كل منهما يعرف قيمة الآخر، والكرام يعاتبون بما فيهم من خلال الخير، وبما فيهم من الفضائل والمحاسن.
لو أن أحداً ألقى المصحف على سبيل الإهانة له لكان كفراً بلا ريب، لكن أين هذا الفعل من فعل نبي الله تبارك وتعالى موسى؟ لقد فعله موسى صلوات الله وسلامه عليه غضباً لله، ألقاها لأنه لم يعد يملك نفسه؛ ألقاها ليعاقب أخاه توهماً أنه هو السبب الذي أتاح لهم ذلك، لم لم تلحقني وتخبرني بما فعلوا؟ فبين هارون عليه السلام له عذره: ((إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي))[طه:94] وكل له اجتهاد.
الشاهد: أن ذلك وقع من نبي الله صلوات الله وسلامه عليه، وأيضاً فإنه جر لحية نبي مثله، وقد جعله الله وزيراً ونصيراً ومعيناً، وأفصح منه لساناً، وقام معه في الدعوة إلى الله، وعادة الكرام وطبعهم أن من صحبك وعاشرك وأعانك أنك لا تسيء إليه، وموسى صلوات الله وسلامه عليه من أفضل الكرام، ولم يخالف طبعهم، لكنه عند الغضب لله عز وجل هانت عنده هذه الأمور، نسي الألواح، ونسي قدر أخيه؛ غضباً لله سبحانه وتعالى وجهاداً فيه.
وأما عين ملك الموت فإنما لطمها بناءً على هذا.