المادة    
اتصال هاتفي: الدكتور محمود الزهار أحد قادة حركة حماس.
المذيع: دكتور! سلام الله عليك.
الزهار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المذيع: أهلاً بك يا دكتور! نحن سعداء بمشاركتك معنا، معنا فضيلة الدكتور سفر الحوالي نتحدث عن الانتفاضة، وأود من خلالكم أولاً أن أستطلع مدى تأثير الانتفاضة الفلسطينية على واقع المجتمع اليهودي، نحن أشرنا من خلال ما تفضل به الدكتور من خلال دراسة كتبها، ولكن نود أيضاً أن نأخذ هذا من خلال اطلاعكم القريب لهذا؟
  1. انهيار الأمن القومي والفردي الإسرائيلي بسبب الانتفاضة

    الدكتور: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، بداية اسمح لي أن أوجه تحية إلى الأخ الدكتور سفر، وأرجو أن يتقبل الله تبارك وتعالى منه هذه المعلومات القيمة الحقيقية.
    أريد أولاً أؤمن على كل ما قال، لكن أريد أن أضيف جزءاً آخر يتعلق بالموضوع الأهم، الدولة اليهودية قامت في الواقع على عاملين: الأمن والرخاء لكل يهودي في العالم، والأمن له ثلاثة مستويات في الكيان الإسرائيلي:
    أمن الفرد، وأمن الاحتلال، وأمن الدولة، موضوع أمن الفرد كما قال الدكتور سفر ضُرب ضربة قاصمة بحيث لا يستطيع أن يقول أي إنسان: إنه آمن في الكيان الإسرائيلي، الحديث عن إرسال الكلاب لتشتري لهم من الأسواق، الحديث على عدم الخروج من البيت، على عدم الذهاب إلى الشغل، توصيل الأولاد إلى المدارس، عدم ركوب الحافلات العامة إلى كل ذلك.. حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، ونحن الذين يتحدثون إلينا من العرب الصحفيين يقولون: إن الوضع وصل إلى مرحلة لم تصل إليها الدولة في يوم من الأيام.
    ثانياً: أمن الاحتلال، فعلى مدى (23) سنة قبل الانتفاضة المباركة قتل من اليهود (553) يهودياً، بينما آخر إحصائية إسرائيلية تقول: إن في الانتفاضة الأخيرة (890) قتيل إسرائيلي، كانت نسبة القتلى الفلسطينيين إلى الإسرائيليين (1: 10) بينما الآن انخفضت إلى (1: 3) وماذا يقصفون؟ الأطفال والنساء وكبار السن، ويهدمون البيوت على رءوس الكبار الذين يخرجون، بينما نحن نقاتل ونواجه الجندي الإسرائيلي والمستوطن الإسرائيلي.
    نأتي إلى النقطة الأخطر والأهم والتي قال عنها شارون: إنهم يدافعون عن وجودهم، وهو في ذلك صادق، كيف؟
    نظرية الأمن القومي الإسرائيلية كانت تقول دائماً: الحروب تبقى خارج حدود الأرض الفلسطينية المحتلة عام (1948م)، فحرب (1948م) كانت باستمرار تتوسع، وحرب (1956م) كانت في سيناء وكانت في غزة ولم تكن في داخل حدود (1948م)، وحرب (1967م) انتقلت إلى الجولان وإلى الضفة الغربية وإلى سيناء ولم يكن هناك مس للأمن القومي، بمعنى: لا يخسر السلم المستوطن الصهيوني في الأرض الفلسطينية.
    فلأول مرة الأمن القومي يتفجر قلب الكيان الإسرائيلي في ثوانٍ في القدس أو في حيفا أو في يافا، وبذلك أصبحت المعركة في أحشاء الكيان الإسرائيلي، ولم تستطع أن تصل إلى ذلك حروب الدول العربية بمجملها.
    النقطة التي أريد أن أضيفها وأؤمن على ما قاله الدكتور سفر في موضوع الاقتصاد، وهي أن خسائر الكيان الإسرائيلي (23) مليار دولار في الانتفاضة المباركة، والخسائر ليست مرتبطة فقط بحجم ما أصابهم، ولكن بحجم الثقة الدولية في الكيان الإسرائيلي كمكان للاستثمار، وهذا كان لا يتأتى إلا عبر الرحلات والسياحة التي ضربت.
    أستطيع أن أقول لك: إن أكثر من (90%) من فنادق الكيان الإسرائيلي أغلقت، هذا الموضوع ألقى بظلاله على البورصة.
  2. ثلاثة محاور رسختها الانتفاضة لصالح الفلسطينيين

    إذاً: نستطيع أن نقول: إن الانتفاضة المباركة استطاعت أن ترسخ ثلاثة مفاهيم فيما يعرف بالبنية التحتية:
    أولاً: الإرادة، إرادة الشارع الفلسطيني إرادة لا يستطيع أحد أن ينكر أنها إرادة في منتهى الروعة، هذه الإرادة التي تقول بـمحمد الغول (14.5) تواجه قوات الكمندوز قبل أسبوعين فقط، قوات كمندوز جاءت من البحر وتركوا خلفهم أقدامهم وصور أظنكم رأيتموها.
    إرادة المقاومة والقتال لا يستطيع أحد أن ينكرها.
    ثانياً: هذا الرحم الذي يصب في المقاومة، لو لم تكن هناك الرغبة الشعبية في الاستمرار في المقاومة لما وجدت حماس لها من معين أبداً بعد الله تبارك وتعالى؛ لأن الأم التي تحوّل شهادة ابنها إلى عرس وتوزع الحلوى، الأم والأخت والزوجة التي تقول وهي تودع ابنها أو زوجها أو أخاها تقول: سننجب حتى نوجد جيل تغيير يقاوم الاحتلال، هذه الظاهرة لا تجد منها نموذجاً واحداً في الكيان الإسرائيلي.
    ثالثاً: السلاح نزع منا في عام (1996م) وأرخص شيء يمكن أن يعيشه إنسان هو السلاح، لكننا في خلال فترة بسيطة من حُلي النساء ومن عرق الرجال أوجدنا السلاح، والعجيب في هذا السلاح أنه يصنع من مواد قد لا تخطر على بال أحد، من اليوريا؛ من مخلفات البول، وبه نستطيع أن نهزم الكيان الإسرائيلي، وبالتالي دخلوا في منطقة الشجاعية ليقابلوا عائلة وظلوا يمشون (14) ساعة وهي لا تبعد سوى كيلو متر عن الحدود والإمدادات، تركوا خلفهم دبابتهم وعندنا على الأقل باب دبابة موجود الآن في غزة، وتستطيع أن ترى هذه الملحمة البطولية.
    إذا أردنا أن نسجل تاريخ الشعب الفلسطيني فلكل شهيد من هؤلاء قصة، انظر إلى ما سجلته الأمة العربية، أحمد عرابي فقط لأنه قال: والله لن نستعبد بعد اليوم، أصبح الآن رمزاً من رموز مصر، لكننا اليوم إذا وضعنا أي شهيد من شهداء الشعب الفلسطيني فإنه سيصبح قصة يفخر بها كل العالم الإسلامي.
    نقولها وأعناقنا ساجدة وراكعة لله تبارك وتعالى، لا نفخر بها على أحد، ولكننا نقول: إنها نموذج يحتذى به، يمكن أن أهزم إسرائيل، أقسم لك بالله العظيم أن زوال إسرائيل حقيقة قرآنية نراها وندركها ونحسها ونطبقها عملياً، نحن نواجه الكيان الإسرائيلي والإرادة الإسرائيلية، نحن أقوى منهم بإذن الله تبارك وتعالى، وأقول لك: نحن نرمي ولا نعرف كيف تأتي هذه الرمية، لكن الذي ندركه أن الله تبارك وتعالى يرمي عنا: ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى))[الأنفال:17].
    أقسم لك بالله العظيم أن أحد المجاهدين قال لي: إن العبوة وضعت ومد سلكها وفجرت في أقل من دقيقة، وشاهد الدبابة وهي تنفجر أمامه.
    إذاً .. نحن هنا نعيش في معية الله تبارك وتعالى، نعيش حالة لا يمكن أن يستشعرها إلا من عاشها، أسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا هذا الذي يحدث في ميزان حسناتنا.
    المذيع: دكتور محمود! معي الدكتور سفر يريد أن يطرح عليك تساؤلاً.
    الدكتور: أهلاً وسهلاً!
    الشيخ: حفظك الله يا أخي! المجاهد الأخ الدكتور محمود، في الحقيقة هو ليس تساؤلاً، بل والله لا أريد أن أقطع هذا الكلام الممتع الذي عبر أثره القديم عنه، الحديث عن الثغور له حلاوة، وعليه طلاوة، وله رقة، ويدخل القلوب مباشرة، ويأتي من فم الأخ المجاهد الدكتور محمود معبّراً عن الملايين من المجاهدين الأبطال في الأرض المباركة.
    والذي أحب أن قوله: إن ما تعيشونه من هذه الحمية الإيمانية وهذا اليقين بما عند الله سبحانه وتعالى نحن أحوج ما نكون إليه، انقلوه لنا بأي شكل من الأشكال، الأمة يا أخي الدكتور تعاني من هزيمة، تعاني من إحباط، الأمة لا تدري أنها تعيش مرحلة فجر جديد، مثل هذا الكلام النيّر المشرق نريده أن يتكرر، نريد أن تبلغوه بأي طريقة.
    نريد الإخوة في المجد وغير المجد أن يعطوك ويعطوا الدكتور عبد العزيز والإخوة المجاهدين الآخرين الوقت الأطول لكي تبلغوا هذه الحقائق للأمة وتوعوّن بها؛ لأننا نعيش قضية أحداث، قضية هدم بيوت، قضية هذا يقتل، هذا كذا، هذا كذا..، لا نعيش هذه الرؤى الإيمانية المتكاملة المؤصلة، هذا الذي أحب أن أقوله أخي الكريم وفقك الله.
  3. كرامة الله للمسلمين في فلسطين بالمواليد المجاهدين

    المذيع: دكتور محمود أشرت إلى قضية قتل الأطفال، هناك إحصائية تشير إلى أن عدد المواليد من الفلسطينيين أكبر بكثير من عدد المواليد في الكيان الإسرائيلي، فهل لديك معلومة حول هذا الموضوع؟
    الدكتور: أنا أريد أن أقول لك: إن عدد المواليد الآن الذكور أصبح مختلفاً تماماً عما سبق قبل ذلك، كانت مواليد الذكور قبل الانتفاضة بمعدل (51) أنثى إلى (49) ذكر، اليوم الصورة اختلفت تماماً، القضية أنه ليس فقط أن المواليد زادت، لكن رغم هذا الحصار الاقتصادي الذي لم يشهده تاريخ إنسان، تجد أن الخضار في قطاع غزة برخص التراب، رخصت الطماطم بخمسة شيكل أي: بأقل من دولار تستطيع أن تعيش، يعني هذا الحصار القاتل، وهذا التجويع المتعمد، استئصال (2500) ديلم مرة واحدة في بيت حانون، وبالرغم من ذلك لا تجد صوتاً واحداً يقول: أوقفوا المقاومة، أو لا نريد.....
    هنا تقرب كبير إلى الله تبارك وتعالى، وأنا أريد أن أنقل لك صورة واضحة، وقفت أم محمد فرحات وهي تودع ابنها في شريط فيديو، فأرادت أن تتبرأ من أي رياء في هذا الموضوع فقالت لي -وأنا شاهد على هذا الكلام-: والله أنا لم أحب أن أتصور معه، ولكن ضغطوا عليَّ وذلك حتى لا يظن الناس أنني أفاخر باستشهاد ابني، انظر إلى هذه المرأة، وهي تشكل الآن رمزاً من رموز المرأة الفلسطينية المسلمة التي ترتفع بها هامة الرجال قبل النساء.
    أم محمود العابد تزغرد عندما فقدت ابنها وفقدت أخاها أحد مرافقي الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، عندما نجى الله تبارك وتعالى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، هناك أناس لا نعرف عنهم شيئاً، وغير مرتبطين بالحركة يوزعون الحلوى من النوافذ، يلقونها إلى الشوارع ويخرجون ليزغردوا.
    المذيع: إذاً دكتور محمود نحن معكم قلباً وقالباً، ونسأل الله لكم التوفيق والعون وقد ذكرت في بداية هذه الحلقة أن قناة المجد خصصت برنامجاً مهماً وخاصاً حول هذه القضية الأم الكبرى في حياتنا، وهو برنامج (من فلسطين مع التحية) وقد سبق لكم ولعدد من الإخوة المشاركة في هذا البرنامج، نسأل الله لكم التوفيق، شكراً لكم دكتور محمود.