المادة    
المذيع: هناك قضية أخرى تطرح أيضاً -ونحن اتفقنا على أننا نطرح كل التوجهات بكل صراحة- لماذا لا تتوقف هذه الانتفاضة حتى نعيد ترتيب صفوفنا، فنحن لا نعتبره مكسباً أن يُقتل واحد مقابل واحد، لكن المكسب ألا يموت ولا مسلم مقابل ألف يهودي، فنحن نعتبر سلامة المسلم مقابل آلاف اليهود مكسباً كبيراً، لماذا لا تتوقف هذه الانتفاضة حتى يعاد ترتيب الصفوف، حتى نستطيع أن نقيم دولة لها كيانها، ويستطيع الشعب الفلسطيني أن يجد لقمة العيش، وهذا يطرح أيضاً؟
الشيخ: هذا يطرح وكثيراً ما يطرح إما بفكر إلزامي أو بفكر إنسان لا يعيش الواقع، ولا يعيش المشكلة، ولا يرى عمق القضية وعمق الأحداث، القضية أكبر من أن تحل بهذه البساطة المتناهية، والموت هو ألا تريد الحياة، وعندما لا تريد الحياة فيمكنك أن تعيش في أي مكان، لكن إذا أردت الحياة فإرادة الحياة تحتاج إلى قرار صعب، ومن إرادة الحياة أن نجاهد في سبيل الله، والدار الآخرة هي الحيوان.
المذيع: لكن لو توقفت هذه الانتفاضة ألا يمكن أن تحقق مكاسب أكبر؟
الشيخ: إذا كان قرار الإيقاف من داخل قيادة الإخوة المجاهدين في أرض فلسطين، واتخذوا ذلك بناء على نظر فهو حق ومشروع، والنبي صلى الله عليه وسلم صالح المشركين وهادن، والهدنة حق، أما إذا كانت بناءً على فكر منهزم مصدر إليهم من الدول العربية أو من غيرها ويراد لهم أن يستسلموا له؛ فنحن نربأ بإخواننا عن الاستسلام، والحمد لله ثقتي الشخصية أن هذا لن يحدث أبداً.
المذيع: هل تتوقع أن هناك مكاسب حصلت للشعب الفلسطيني من جراء هذه الانتفاضة، نعم. بالسرد التاريخي ذكرت بعض المكاسب، لكن الواقع الفلسطيني المعاش الآن: هل هناك مكاسب، أو أن الآلام تزداد يوماً بعد يوم؟
الشيخ: لا شك أن هناك مكاسب بالمفهوم الإيماني الإسلامي الدعوي، بل كلها مكاسب؛ لأن ما يصيب المؤمن من شيء إلا وهو له خير، لكن الجانب الآخر كما ذكر الله تعالى: ((إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ))[النساء:104] فالاقتصاد الفلسطيني انهار، إخواننا داخل فلسطين كانوا يتبرعون لأقاربهم في المخيمات، لكن الآن على ضعف المخيمات وعلى فقرها هي التي ترسل للداخل، فالحياة صعبة جداً، والإشكالات كثيرة جداً.
لكن في مقابل هذا ماذا حصل؟ الرمز الذي كان يرمز للمستوطن اليهودي الذي يأتي إلى هذه الأرض الطيبة، يقولون: الذي أرسلتك فاآت: (الفولفو) و(الفيديو) و(الفيلا) الآن خسرها جميعاً، ويريد أن يأمن فقط، يريد أن يعيش فقط.
وهناك تقرير عن صحيفة معاريف أو الأرض تقول: إن عدد المهاجرين المرتدين -أي: الهجرة العكسية- ما بين (ستمائة ألف: مليون) وليست المشكلة أن الذين يهاجرون ربع سكان البلد، المشكلة أن الذين يهاجرون هم النخبة .. هم الطبقة المثقفة .. هم الأثرياء .. هم هم ... إلخ.
إذاً: هناك خسارة تحيط بإسرائيل.
وهي أيضاً كيان غريب، فالفلسطيني مهما افتقر وضيق عليه فهو في أرضه، جذوره ثابتة، فهو يدافع عن حقه المشروع الذي يعترف العالم كله بمشروعيته إلا من عمته الدعاية الصهيونية، أما اليهودي فيأتي ومعه جوازان أو جنسيتان في جيبه، فهو يريد أن يرجع ويعود فلا جذور له.
فكلما اشتدت المقاومة واشتدت وطأتها يخرجون، الحالة التي تعيشها الآن إسرائيل هي حالة انقسام خطير جداً بين من يقول: أعطوا الفلسطينيين أي شيء ونعيش فقط، وبين من يقول: لا تعطوهم أي شيء ......