المادة    
  1. غلبة الدَّين وقهر الرجال

     المرفق    
    السؤال: غلبة الدين، وقهر الرجال، نريد منكم شرحاً كافٍ له، وجزاكم الله خيراً؟
    الجواب: غلبة الدَّين وقهر الرجال هذان هما اللذان استعاذ منهما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونستعيذ بالله منها جميعاً، هذا أشد ما يمكن أن يصاب به الإنسان، الهم والحزن: {أعوذ بك من الهم والحزن، وغلبة الدَّين وقهر الرجال} أما الهم فهو لما يستقبله الإنسان من أمره، ولا يدري كيف سيواجهه، والحزن لما فات من أمر، فهو حزين على شيء قد وقع، كخير فات، أو شر نزل أو غير ذلك، وغلبة الدَّين ليس هناك أشد منه، ويقال: إن لقمان الحكيم قال في وصاياه: '' وحملت الأثقال كلها فما وجدت شيئاً أثقل من الدين '' فلا أشد من الدين، ولا أسوأ على قلوب الرجال الشرفاء؛ أهل النبالة والكرامة من أن يأتيه صاحب الدَّين وهو بين الناس أو وحده ثم يقول: متى تعطيني؟
    وليس أي دين، ولكن غلبة الدَّين، وإذا كان الإنسان من أهل الكرم والخير والفضل فإنه يورط أكثر، لا يقدر أن يترك بيته، ولا يقدر أن يترك التزاماته، فنسأل الله أن يعيذنا وإياكم من ذلك.
    وقهر الرجال: لأن الظلم مر، من أَمَر الأشياء الظلم والقهر، كأن يواجهك شخص ويقهرك ويظلمك بشيء واضح لك كالعيان، ولكنك مقهور لا تستطيع أن تتصرف تجاهه، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من ذلك.
  2. الشدة والرفق في الدعوة

     المرفق    
    السؤال: هل يستخدم الإنسان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر القوة مع الناس أم يستخدم الرفق؟
    الجواب: نعم. هذه مشكلة، وأنا أتعجب من بعض الناس حين يأتي يتكلم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأكثر من مرة في مجالس كذا يقولون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق، فعندما تقول: صلوا، فإنهم ينفرون منك، ولكن حين تقول: جزاك الله خيراً، أو الله يهديك وتكلمه بالرفق فإنه يأتي إلى المسجد.
    قلت لأحدهم: إذا كان المركز -مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- فيه ثلاثة أعضاء أو أربعة أو خمسة، وهم في حي سعته خمسة كيلو متر مربع أو عشرة، وفي كل سوق أكثر من مائة دكان، وهذه الصلاة التي فرضها الله على كل مسلم، ويرتفع الأذان بها في كل أفق، والأطفال الصغار والعجائز كل واحد يعرف وجوبها، ثم يحتاج كل فرد إلى مداراة ورفق، وإلى أن يتكرر له ذلك كل مرة، فكم تتوقع أن يصلي في المسجد؟
    وكيف تتوقع أن يكون الرد؟
    لا أقول: إنه لا بد أن نكون جفاة؛ لكن علينا ألا نحمِّل الإنسان ما لا يطيق، وهنا يأتي واجب على كل إنسان، هذا السوق له إدارة تقوم عليه، ومن المفروض على هذه الإدارة أن تأمر الناس بإغلاق الدكاكين بدون حضور الهيئة أو أن تمر الهيئة فتأخذ المتخلف، لا. لابد أن نقول للناس: صلوا، المتسوق الذي يذهب إلى السوق واجب علينا جميعاً أن نقول له: صل وأن نحركه للصلاة، وبهذا نكون قد خففنا من الضغط على الهيئة، وصاحب الهيئة واجبه أن يرى الناس فيه الحزم.
    فمن أسباب المشكلة، أن الإنسان يؤخذ عليه العهد مرتين أو ثلاثاً وبعدها لا يكون له سلطة، أول ما يدخل يقول: تقسم بالله، ثم يتعهد ولا يبالي لأنه يعرف أنه لا يوجد عندنا غير هذا الدفتر، لو كان يعرف أن هناك حساباً وأن هناك مسئولية لاهتم، كما يهتم بالإقامة، إذا ضيعت الصلاة فلا مشكلة، فأصبحت الإقامة أغلى من الصلاة، وقد صرنا الآن كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وقد أخبرنا بكل فتنة-: { يقال للرجل: ما أعقله، وما أظرفه، وما أجلده! وليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان } رجل كريم وفيه خير وفيه...، لكن لا يصلي، فأي خير في هذا الذي لا يصلي؟ هذا ليس فيه ذرة من الخير، الذي لا يصلي لا يكون عنده ذرة من إيمان.
    لقد استهنا بأمر الصلاة، وعمر رضي الله عنه لما طعنه المجوسي في المحراب، وسقط مغمياً عليه والدم ينزف منه؛ أفاق وهو في هذه الحالة، وقال: أصلى المسلمون؟
    لأنه كان الإمام، فأهم قضية فكر فيها عمر هل صلّى المسلمون؟
    هذه القضية الأساسية، نقول: لما تهاونا بأمر الصلاة وأصبحت مسألة شكلية لم يعد يعبأ الناس بمرور عضو الهيئة؛ لأننا تركنا واجبنا نحن، أقول: هذا كالدوريات المنتشرة في الأسواق والتي تركت واجبها، وعندما تقول له: لماذا لا تأمر الناس أن يصلوا؟
    يقول: لا نريد أن تكون هناك مشاكل، نحن مختصون بالنواحي الأمنية فقط، نقول: ماذا يخسر العسكري لو أمر الناس بالصلاة؟
    هل يؤثر ذلك على عملهم وهم منتشرون في كل مكان؟
    لا يؤثر، ولن يخسروا شيئاً، بل هذا فيه تعاون مع أعضاء الهيئة، أما بهذا الشكل فقد أصبحنا أضحوكة أمام الناس، فإذا مر عضو الهيئة من أمامهم قالوا: انتهى الأمر، ويعود كل شخص إلى عمله من بيع وشراء وكأنه لم يحدث شيء، لأنه يعلم أنه لن يعود إليه، ولا يوجد من يأمره وينهاه، فنحن بهذا عرضنا ديننا للسخرية، وهذه السخرية لا تختص برجال الهيئة فالذي يتكلم لا يتكلم في الهيئة وحدها بل يتكلم في المجتمع كله، وفي الأمة كلها.
    أقول لرجال الهيئة: اتقوا الله ما استطتعتم، عليكم أن تبذلوا جهدكم، وعليكم أن تأخذوا اثنين أو ثلاثة منهم أو أكثر ليكونوا عبرة للآخرين، على رئيس الهيئة أو مسئوليها أن يزجرهم أو يسجنهم أو يحولهم إلى المحكمة بشكل يسمع به الآخرين؛ ومع هذا فالواجب على الدوريات وعلى المتسوقين، وإدارة السوق إذا كان للسوق إدارة، وعلى كل إنسان، ومن ذلك الدعاة أن يأتوا فيقولون: هذا الحي الصلاة فيه قليلة، إذاً لا بد من عمل محاضرة في هذا الحي وفي هذا المسجد عن أهمية الصلاة حتى تقوم الحجة، ولعل غافلاً يسمع ذكر الله، ولعله إذا رأى الناس يصلون أن تتحرك همته ويصلي مع الناس.
  3. التعاون مع الهيئات

     المرفق    
    السؤال: ما سبب عدم زياراتكم لرجال وأعضاء الهيئة؟ الجواب: من الأشياء التي نحتاج إليها أننا نجلس دائماً أو نتزاور أو نتلاقى، أنا لا أكتمكم أني ما كنت أدرك بعض ما يدور خاصة في الهيئات، أقول: هذا من الخطأ لأنهم قائمون بجبهة، وهم يقومون بأعمال كثيرة، لكن يمكن أن نذهب مثلاً إلى الأمن العام ونرى كيف يعملون، والمفروض أن نعرف حال بعضنا البعض، لكن لما قرأتُ نظام الهيئات الذي صدر فيه الأمر الملكي وجدت فيه ثلاثة أيام توقيف أو خمس عشرة جلدة، العضو يقوم بالدعوة إلى الله وغير ذلك، فلما أتيت أسأله فإذا بهذا الأمر ما نُفذ، مع أنه منصوص عليه.
  4. حريـة الفكـر

     المرفق    
    السؤال: ما نصيحتكم حول ما يقال من حرية الفكر، وتطبيق الأمر الصادر؟ الجواب: أما من يقول: حرية الرأي، فليس عندنا هنا حرية للكفر، ليس عندنا حرية لترك الصلاة، ولكن عندنا حرية إسلامية -والحمد لله- فالإنسان لا يؤخذ بظلم، فلا يحاكم إلا في محكمة شرعية، وهذه هي الحرية التي يفتقدها الذي العالم كله ولا يستطيع أن يجدها؛ لأن أحكامه وضعية وشرائعها وضعية، أما نحن -والحمد لله- فعندنا شرع الله، فالحرية الحقيقة للأمة هي طاعة الله، ووجود إنسان لا يصلي وهو مصر على ذلك مع عدم وجود السلطة والقوة الرادعة بيد رجل الهيئة هذا خطأ، ولا شك أن هذا يجب التنبه إليه من قبل الجميع، كل بحسب موقعه.
  5. مشكلة دوام الهيئة

     المرفق    
    السؤال: إن هناك مشكلات حيث إنه يوجد دوامين على فترتين، ولا توجد فرصة لزيارة الأقرباء أو الأصدقاء فما توجيهكم؟ الجواب: موضوع الدوامين نحن ذكرنا أن الصبر والاحتساب لا بد منه، وأنا معكم أنه لو كان رجل ضعيف مثلي ما قدر على دوامين، لكن -الحمد لله- أن الله جعل فيها من هم أكفأ وأقدر وأصبر، فاصبروا واحتسبوا الأجر، ولا شك أن هذا أيضاً يستدعي من المسئولين دراسة الوضع، وإمكانية تكثير الوظائف وتكثير العدد، بحيث تكون نوبات، فيتاح للإنسان أن يعود مريضاً، أو يزور قريبا، أو يقوم ببعض شئونه، وهذه لا شك أنها تؤثر على عمله، لأن الإنسان لا يمكن أن يكون جثة بلا روح، ولا يصح هذا، ولكن يأتي وهو راغب، ولديه الإمكانية والاستعداد النفسي، أما إذا جاء وهو مشدود فإنه لا ينفع ولا يعمل، وربما أدى ذلك إلى التسيب ولا سيما إن لم تكن هناك رقابة، خاصة مع ضعف الحوافز المادية.
  6. الوقت الضائع

     المرفق    
    السؤال: ما هي نصيحتكم لمضيعي الأوقات وعدم الاستفادة منها في طلب العلم؟
    الجواب: علينا أن نستغل فرصة فراغ وقتنا بين أوقات الصلاة -وأي فراغ عموماً- فنأتي بكتاب ونقرأ كل يوم صفحة أو بابا أو حديثاً أو حديثين فتقوى بذلك إيماننا، وتعرفنا بالله عز وجل، وتفقهنا في ديننا، وتجعلنا نقدم على هذا العمل ونحن مخلصون محتسبون.
    إن هذا العلم نور سواء كان من كتاب الله أم من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى لو ابتدءنا بالأصول الثلاثة، ثم ترقينا منها إلى كتاب التوحيد ثم إلى فتح المجيد، هذا في الحقيقة يزيدنا علماً وإيماناً؛ لأن هذا كلام الله ورسوله، وأيضاً يجعل الإنسان إذا دعا إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يدعو على علم وعلى بصيرة وخير، وأقل شيء أنه خير من كثير من اللغو الذي قد نقع فيه كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)) [النساء:114] وهذا حال أكثر نجوانا وحديثنا، إن لم يكن فيما يضرنا فهو فيما لا ينفعنا إلا من كانت الآخرة نصب عينيه.
    أقول: نريد الإخوة في المراكز إن كان قد برز منهم في العلم شخص فليعلم الآخرين أو يستفيدون منه، إن كانوا اثنين فليتعاونا، إن كان كلهم كذلك فليتعاونوا.
    ثم خارج المركز أيضاً لا بد من ذلك، والوسائل -والحمد لله- كثرت هذه الأيام، بما منَّ الله تبارك وتعالى به مثل إذاعة القرآن، ومثل الأشرطة، والكتيبات، ثم الكتب، وكل ذلك أيضاً موجود ومتيسر، وكذلك في غير وقت الدوام يمكن حضور حلقات العلم ومجالس الذكر وندوات الخير في المسجد الحرام وفي أي مسجد، فهذه كلها من عوامل تقوية الإيمان، وزيادة العلم، والزاد الذي نتزود إليه في طريق الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  7. المكاره في الدعوة

     المرفق    
    السؤال: ما توجيهكم ونصيحتكم لرجال الهيئة الذين تواجههم مشاكل مع رجال الشرطة؟ الجواب: أصل المشكلة هي أننا نريد عملاً بلا سلبيات أو أخطاء وهذا مستحيل، لا يمكن أن يوجد عمل إلا وفيه أخطاء، بل نقول: لا دعوة ولا عمل إلا بما تكره النفس، وأصل القضية أن أحد العسكر ذهب وتشاجر مع صاحب محل؛ لأنه قال له: صل، فقالوا: إذاً هذا يسبب مشاكل، فإن العسكري ليس له دخل، بل يكون فقط مع العضو ولا يقول للناس صلوا، وهذا ليس بحل، بل إن كان الخطأ من هذا العسكري وتكلم بكلام لا يليق، أو أساء عوقب وحده، ويستمر الباقون في الدعوة، وإن كان الخطأ من صاحب الدكان أو التاجر حوسب وقيل له: أنت تستحق أكثر لأنك رفعت صوتك على إنسان وهو يأمرك بالمعروف وينهاك عن المنكر وذلك عمله الرسمي، لكن للأسف بناءاً علىقضية مثل هذه نقفل الباب كله! وبعد هذا فإن الناس لن يقروا شيئاً من الخير! إذا واحد علم أنك ستداهم مصنع الخمر؛ فهل تتوقع أن يقال لك: تفضل، هذه القوارير، وهذه البراميل؟ إن هذا لا يمكن أن يكون ولا بد من التعرض لشيء من الابتلاء، فإذا قلنا: ما دام يحدث بعض المكاره فلا ننهى عن المنكر، وهكذا كل منكر لا بد أن نتعرض في إزالته لبعض المكاره، فإذا تركنا المنكر لأجل ذلك انتشر الفساد، والمسألة من الناحية الشرعية واضحة جداً فإن (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ويراعى مقادر المصلحة والمفسدة، فنعمل على تحقيق المصلحة العظمى ودرء المفسدة الكبرى وأما الصغرى فتلقى كأن لا وجود لها، أما إذا أردنا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسير إلا على مصلحة (100%) ولا يوجد مفسدة متوقعة فلن نعمل شيئاً. وهناك شيء أهم من ذلك، وهو: أنه يجب التنسيق مع عضو الهيئة، فإنه يسيء إلى الهيئة ويسيء إلى عملها وسمعتها ويكون هو نفسه متضايقاً من الأمر بالمعروف، هو نفسه لا تهمه الصلاة، بل لا يهمهم أن يمشي معك ليدعو الناس إلى الصلاة، ثم بعد هذا كيف يؤمن على امرأة إذا وقفت عنده أو صبي أو مال؟ نعم يمكن أن يقولوا: هذا يحدث في الشرطة والمجرم مجرم في أي مكان، والذي لا يخاف الله فهو كذلك في أي مكان؛ لكن الهيئة سمعتها غير سمعة بقية الأجهزة، بل لو وقعت بعض المشاكل في الشرطة فلا أحد يعرف عنها شيئاً ولا أحد يلومها على ذلك، أما الهيئة فالنقطة البسيطة تملئ الآفاق. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.