القول على الله بلا علم
قال: "ويلي ذلك في كبر المفسدة القول على الله بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله ووصفه بضد ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، فهو أشد شيء مناقضة ومنافاة لحكمة من له الخلق والأمر، وقدحاً في نفس الربوبية وخصائص الرب".
ونستدل على أن القول على الله من أعظم الذنوب بآية الأعراف؛ قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ))[الأعراف:33] فقد رتبت هذه المحرمات حسب درجتها في عظمة الإثم، وجاء القول على الله بغير علم في آخرها فهو أعظم الذنوب، وهكذا تذكر الآية أعظم المحرمات الأعظم فالأعظم.
وقال ابن القيم رحمه الله: "فإذا صدر ذلك عن علم فهو عناد أقبح من الشرك وأعظم إثماً عند الله؛ فإن المشرك المقر بصفات الرب خير من المعطل الجاحد لصفات كماله، كما أن من أقر لملك بالملك ولم يجحده ملكه، ولا الصفات التي استحق بها الملك، لكن جعل معه شريكاً في بعض الأمور يقربه إليه؛ خير ممن جحد صفات الملك وما يكون به ملكاً.. هذا أمر مستقر في سائر الفِطَر والعقول".
يعني: إذا كان القول على الله تعالى بغير علم صادراً من عالم بالحق، فهو أعظم الذنوب جميعاً، واختصاص هذا الذنب بالعلم لأن الذين يفترون على الله الكذب أكثرهم ممن يعلمون الحق، ويعلمون أن الله تعالى لا يليق به ما يفترون عليه من الكذب، فهؤلاء عارضوا أصل القضية ونازعوها، فهم أعظم إثماً وأكبر جرماً.
نسأل الله أن يتولانا بولايته وأن يعفو عنا بفضله وأن يجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، وأن نشرك به ما لم ينزل به سلطاناً، وأن نقول عليه أو على خلقه مالا نعلم.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.