المادة كاملة    

الاحتلال الإسرائيلي لأراضي المسلمين عدوان يجب أن يحارب بكل الوسائل، والدول الكافرة لا زالت تمكن لإسرائيل بكل وسيلة حتى وصلت إلى درجة عظيمة من البغي والعدوان، ولكن قيض الله الانتفاضة الفلسطينية فقلبت المفاهيم وغيرت الأرقام، وأثبتت للعالم أن إسرائيل لن تدوم دولتها ما دام الشعب الفلسطيني مصمماً على زوالها.

  1. الانتفاضة ومشروع العولمة العالمي

     المرفق    
    المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم
    مشاهدي الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم إلى ساعة حوار.
    في ذروة تداعيات الأحداث في الأمة، وفي ظل التهاب الأوضاع في المنطقة، وفي خضم تفجر القضايا، ووسط هذا الصمت العالمي، والتخاذل الدولي، والغليان في الشارع الإسلامي، تظهر قضية فلسطين حيث تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة لتمثل منظومة سخط من العداء المعلن والكره المبطن.
    لم يعرف التاريخ قضية ظلمت كما ظلمت قضية الأقصى، عاش إخواننا تحت وطأة البؤس وهموم الحاجة وعوامل التشريد، فقراء لا مورد لهم، ونسوة لا عائل لهن، وأيتام لا آباء لهم، ومشردون لا أوطان لهم.
    فلسطين الكريمة! قدسنا العظيم! ما أشد ما تكابدين من عسف قوي، وكيد الماكر، وقسوة الظالم، وجفاء الأهل!
    من فلسطين برزت أحداث، وظهرت أمور:
    - لماذا الانتفاضة؟
    - هل حققت الانتفاضة مكاسب للقضية؟
    - لماذا يسعى العالم بأسره لتحقيق ما يسمى بالسلام في المنطقة؟
    - هل صحيح أن مؤشرات زوال إسرائيل بدت ظاهرة للعيان؟
    أمور عديدة نطرحها في ساعة حوار في حلقتنا هذه على ضيفنا فضيلة الشيخ الدكتور/ سفر بن عبد الرحمن الحوالي، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور!
    الشيخ: الله يكرمك وحياك الله.
    المذيع: أولاً: نسأل الله أن يعينك ويسددك، والحديث عن القضية حديث مهم وهو موضوعنا الأول، وأستأذنك في تذكير المشاهدين بفرحتنا بمشاركتهم عبر الهواتف:
    نسعد بمشاركتكم عبر هواتفنا المعلنة المعروفة، من داخل المملكة : (014411100) وللمشاركة من خارج المملكة : (0096614422200).
    نحن نتحدث عن موضوع مهم وهو الانتفاضة والتتار الجدد، وهو موضوع كتاب كتبه ضيف هذه الحلقة الشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي .
    والموضوع لا يحتاج إلى مقدمة، فالانتفاضة مشروع ضخم ومهم، وقد استقرأت هذه الانتفاضة من خلال كتابكم، وأود أولاً أن أعرج على السيرة -دعنا نقول- التاريخية التي استقرأتموها لهذه الانتفاضة التي ستكون منطلق الحديث معكم بإذن الله.
    الشيخ: الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله إمام المجاهدين وقدوة المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
    فإن قضية الانتفاضة الفلسطينية هي أكبر من أن يحيط بها باحث أو عالم، فضلاً عن أن يقدمها في كتيب أو في حلقة، لكن الانتفاضة المقصودة في هذا اللقاء، أو في هذا الكتاب هي: مجموعة الأعمال الجهادية، أو مجموعة أعمال المقاومة التي نفضت عن الأمة غبار الذل والهوان، وانطلقت بتوفيق الله تبارك وتعالى في الأول من رجب سنة (1421)هـ، وأنا أقول: إن مما يجب أن يفهمه أو يعلمه المؤرخون وأرجو أن يتحقق بإذن الله تعالى...
    المذيع: سوف تحدثنا عن انتفاضة (1421)هـ فقط؟
    الشيخ: أقصد بالانتفاضة الانتفاضة الأخيرة وهي موضوع الليلة، انتفاضة التحرير بإذن الله، ولا أعني انتفاضة الحجر التي سبقتها، فأقول: هذا تاريخ ستكتبه الأجيال القادمة على أنه معلم فاصل بين مرحلتين متباينتين في تاريخ هذه الأمة المباركة.
    1. الانتفاضة .. وتوقف مشروع العولمة

      المذيع: ولكن ما سبب اختيارك لهذا التاريخ؟ وما قبل هذا يا دكتور..؟
      الشيخ: لأن أول يوم انطلقت فيه هذه الانتفاضة المباركة هو اليوم الأول من رجب؛ عندما أراد شارون أن يدنس وينجس المسجد الأقصى ومعه قرابة الألفين جهزهم باراك له، فعندما دخل المسجد الأقصى اشتبك مع جموع المصلين، فاشتعلت الانتفاضة التي لن تنطفئ بإذن الله تبارك وتعالى حتى يُقضى على هذه الدولة الدخيلة المحتلة.
      فمن هنا هذا هو التاريخ الفعلي الحقيقي، يقظة الأمة الإسلامية ودخولها في عصر جديد، وفي مرحلة جديدة تختلف اختلافاً كلياً عما قبلها، وهي الفجر والأمل الجديد الذي يضيء في تاريخ الأمة الإسلامية، وكل ما بعد هذا التاريخ وما بعد هذه الأحداث هو تابع لها وأثر لها مهما بلغت ضخامته عالمياً.
      وهناك أمثلة كثيرة، خذ مثالاً على ذلك:
      جاءت الانتفاضة والعولمة تريد أن تجتاح العالم، والشركات الصهيونية والأمريكية والغربية، تريد أن تبتلع المنطقة بثرواتها، جاءت والأمة في حالة إحباط ويأس، في حالة ذهول من الوضع التي وصلت إليه، وهي لا تدري كيف تتصرف...
      المذيع: ومع ذلك توقف هذا المشروع؟
      الشيخ: مشروع العولمة ربما -وأنا قرأت ذلك- هو أكبر مشروع في تاريخ هذا الكوكب، ومع ذلك الانتفاضة أوقفته، بل ربما تكون قلبته رأساً على عقب، بل إن الذين يتظاهرون ضد العولمة في عدة دول أوروبية وأمريكا يسمون المظاهرات بالانتفاضة، كرمز للانتفاضة التي قامت في أرض الأقصى.
      المذيع: هل تتوقع سياسة رئيس بدل رئيس في مثل دولة تهيمن على مثل هذه المشاريع مثل أمريكا مثلاً؟
      وأستأذنك في مقدمة قبل أن أطرح الحقيقة أعتذر للمشاهد أني لن أستقبل أي اتصال خلال النصف ساعة الأولى.
      الشيء الآخر: أن طرحي ليس طرح قناة المجد وليس طرحي الشخصي؛ لذلك أنا أستأذنك في أني سوف أطرح في جميع الاتجاهات التي تتحدث عن الموضوع بكافة توجهاتها وأفكارها، فلذلك أرجو أن تتحمل؛ لأني جمعت كل ما كتب حول هذا الموضوع وسأطرحه بكل معانيه.
      الشيخ: تفضل.
      المذيع: قناة المجد بحمد الله خصصت أيضاً برنامجاً متميزاً بعنوان: من فلسطين مع التحية، وهو قد خدم القضية خدمة كبيرة، وأرجو ألا أبالغ إن قلت: إنه من أهم البرامج التي سلطت الضوء على هذا الموضوع، لكني في هذه الساعة سوف أطرح أكثر من وجهة نظر.
      الشيخ: تفضل.
    2. إيقاف مشروع العولمة ليس سياسة أمريكية

      المذيع: أقول: إنه لا يُسلّم أن فشل موضوع العولمة إنما هو لمصالح رأتها أمريكا مثلاً: مصالح اقتصادية معينة أرادت تأجيل مثل هذا المشروع لوقت معين، لا يسلم أن الانتفاضة لها دور.
      الشيخ: أنا لا أستطيع من كثرة الأدلة وتواردها عليَّ أن آتي بها كلها؛ لكن أقول: هناك أمر وهو أن حقيقة مشروع الشرق أوسطية هو مشروع صهيوني أمريكي، وقد كتب عنه نتنياهو وكتب عنه غيره وطُرح على أنه لا رجعة عنه، وكثمرة من ثمرات أوسلو (السلام المزعوم) وأن هذه الأمة انتهت فلا مقاومة فيها ولا حراك بها، فهذا المشروع الآن أين هو؟ الآن أصبح في خبر كان، لم يعد له وجود، وخذ هذا كمثال على ذلك.
      ونحن يجب ألا نفوت أمراً، وهو أنه داخل هذا الكوكب، وداخل أمريكا أيضاً بالذات هناك صراع بين قوى كل منها يريد أن يسيطر على الآخر، فمثلاً: لوبي السلاح لا يريد العولمة أن تأخذ مداها كانفتاح معرفي وإنساني وثقافي وديمقراطي..إلخ.
      المذيع: وبالتالي يؤثر على مسيرته؟
      الشيخ: بالضبط، لكننا عندما نتحدث عن منطقتنا العربية الإسلامية نقول: إن الذي قلب الأحداث كلها الانتفاضة، كم شركة ألغت عقودها في العالم العربي بعد قيام الانتفاضة؟ كم شركة أحجمت وترددت في ذلك؟ العلاقات الدولية نفسها توترت، هناك دول كانت حليفة لـأمريكا عقوداً طويلة من الزمن، وبعد قيام الانتفاضة وبعد ما حدث من الأحداث، تأزمت العلاقة بين أمريكا وبين أقوى حلفائها.
      احتلال العراق ما هو إلا أثر من آثار الانتفاضة .. وهكذا، ولذلك البرهنة لا تأتي في سياق انقلاب المشروع، البرهنة التي أقدمها هي في سياق..... أي: كل هذه الأحداث كانت توابع كتوابع الزلزال الكبير الذي حدث في الأول من رجب من عام (1421)هـ.
      المذيع: هناك مواضيع طرحت قبل مشروع العولمة مثلاً، ولم تتم نظراً لعدم توفر آليات تنفيذها؟
      الشيخ: بالضبط، نحن لا نقول: إن السبب دائماً واحد، لكن الانتفاضة هي السبب في العولمة بالذات، هناك مشروعات أخفقت؛ لأنها لم تكن مرغوبة ولا مقبولة، أولم تكن الأمة مهيأة لها، والأمة دائماً تعاني من المشروعات من أول ما وجدت هذه الدولة أو الدويلات أو العصابات الصهيونية إلى الآن.
      لكن مشروع عالمي بهذه الضخامة تخسره الجهات الكونية -كما يقال- التي تخطط له بسبب الانتفاضة، هذا هو الشيء الذي نستطيع أن نبرهن عليه ويمكن أن نوضحه بأكثر من مثال.
    3. استفادة إسرائيل في احتلال العراق

      المذيع: أنت أشرت إلى قضية سأستبق الأحداث في ذكرها، وهي: عندما أشرت إلى مشروع الهيمنة الأمريكية على العراق، وهو أن الاحتلال الصريح الواضح الذي لا مراء فيه كان من آثار الانتفاضة، أنا أقول: قبل ذلك كتبت كتابات كثيرة من ضمنها ما كتبتم أنتم بأن من أساسيات هذا الاحتلال ستستفيد إسرائيل كثيراً من احتلال أمريكا للعراق، وأنها سوف تدمر الانتفاضة، وستقضي على مجموعة مقومات، ولم نر من هذا أي شيء؟
      الشيخ: نعم. هناك تحليل وهناك عمل أو نتيجة، من ناحية التحليل يكفي أن أقول لك: إن أحد المرشحين سابقاً للرئاسة الأمريكية من الحزب الجمهوري ومن المحافظين، ينتمي إلى التيار الذي ينتمي إليه جورج دبليو بوش وهو بوكانين كتب بعد قيام الحرب على العراق بأيام يقول: من المستفيد من هذه الحرب؟
      يقول: ثلاثة: دولة واحدة، ورئيس واحد، وحزب واحد: إسرائيل وشارون والليكود.
      وهذا كتبه في مجلة الأمريكي المحافظ، التي تعبر عن رأي الحزب ورأي الإدارة الأمريكية نفسها، وهو شاهد على أنه لم يكن بين أمريكا وبين الدول العربية أي مشكلة، حتى في قضية النفظ كما يقال، فالنفط كانت تأخذه أمريكا مهرباً أو مباعاً بأرخص الأسعار من العراق، وكان يمكن أن النظام البعثي يقدمه لها على طبق من ذهب لو رضيت أن يبقى.
      والآن ظهر ما ذكر في هذا الكتاب، وهو أن الاحتلال قد يعيق تدفق النفط، وهذا واقع، فالعراقيون في يوم واحد أشعلوا خمسة حرائق في أنابيب النفط، فالشاهد أنه بالفعل....، أما لو كان هناك تصارع بين الأمل وبين التخوف فما النتيجة؟
      هل هي تخوف أم أمل؟
      في الحقيقة كنا نخشى أن شارون يستغل قيام الحرب على العراق أو نتائجها فيقوم بعملية كبيرة أو خطيرة، إما اجتياح أو ضربة خطيرة، كأن تضرب المجمعات السكنية في نابلس مثلاً أو في غزة، أو أن تكون الدولة الفلسطينية -كما يقال- إما في الأردن ويعوض العرش الهاشمي في بغداد، أي: أن هناك أفكاراً طرحت، أو تكون في العراق ويهجر الشعب الفلسطيني إلى العراق، أو شيء من هذا.. فهذه كلها أفكار طرحت.
      لكن نحمد الله عز وجل أن الأمل الذي كنا نقوله وقلناه وقررناه الآن تأكد أن هذا المشروع لن يتم.
      تكتيكياً أمريكا رأت أن إسرائيل لا تتدخل ولا تحدث أمراً خارجاً عن العادة أثناء الحرب، لماذا؟ لأننا بعد الحرب نكون قد قضينا على هذا العدو الذي يهدد إسرائيل ولو في الظاهر، ولو على الأقل نحقق نبوءة التوراة، ونكون قد نزلنا في العراق وأصبحنا كمَّاشة، ووقتها يبدأ المخطط الصهيوني في التطبيق أو يُدرس بشكل أفضل.
      المذيع: يعني المسألة مسألة وقت الآن ..؟
      الشيخ: كان هذا هو المفروض، وكانت قضية شارون مسألة وقت لكي يتم ذلك، ولكن الذي حدث يؤكد أن ذلك لن يتم بإذن الله، لماذا؟ لأن المقاومة في العراق بدأت وعلى منهج الانتفاضة، وهذا نجاح للانتفاضة، ومثلما أنها تجربة جهادية ضد إسرائيل فهي قابلة وصالحة للتطبيق في أي مكان وفي أي بلد من بلدان العالم الإسلامي، وكان أكبر ما تخوف منه الأمريكان ولا يزالون مسألة العمليات الاستشهادية ومهاجمة نقاط التفتيش، وهي تقريباً نفس ما يحدث في فلسطين، ومن هنا نحن نتفاءل خيراً كثيراً لهذه الأمة بإذن الله تبارك وتعالى.
  2. تصنيف الانتفاضة (معلم تاريخي هام)

     المرفق    
    المذيع: أعود إلى السياق التاريخي .. بالنسبة للانتفاضة وأثر هذا على الانتفاضة الحالية أو المعاصرة؟
    الشيخ: أنا قلت وأقول: الانتفاضة لا ينبغي لنا أن ننظر لها على أنها مجموعة الأحداث اليومية، هذا يعتقل.. هذا يقتل.. هذا يهاجم.. هذا يضرب، الانتفاضة هي معلم تاريخي فاصل بين مرحلتين كبيرتين خطيرتين.
    المذيع: بعض الكتاب ما زال يسميها مشروع جهاد؟
    الشيخ: فلتكن مشروعاً، التواضع الذي يتحلى به إخواننا المجاهدون في فلسطين أنهم يسمون الأشياء بأسمائها، هم يرون أنها انتفاضة؛ لأنها أشبه ما تكون بتعبير عملي عن رفض العدو المحتل، لكن في واقع الحال الانتفاضة هي منهج شامل، الانتفاضة حقيقة هي تغيرٌ حدث في المعتقدات .. تغير حدث في البنية الاجتماعية .. في المؤسسات التي يتكون منها المجتمع الفلسطيني، في الرؤية والنظرة إلى الصراع من خلال الأطياف الفلسطينية جميعاً.
    تستطيع أن تقول -باختصار-: إن هذه الانتفاضة نقلت الحال ....، كيف كان حال إسرائيل قبل الانتفاضة؟
    كانت إسرائيل قبل الانتفاضة الدولة المهيمنة المسيطرة التي لم تعد تفكر في أن تقضي على الجيوش العربية أو تحارب الجيوش العربية، إنما تفكر كيف تقضي على المفاعل النووي في باكستان، وكيف تتحدى إيران مثلاً، أما العرب فقد انتهى أمرهم، ولكن بعد الانتفاضة أصبحت إسرائيل في مأزق داخلي شديد، وهي الآن تدور في حلقة مفرغة، والأدلة على هذا كثيرة جداً سواء في الكتاب أو يمكن أن نأتي على بعضها إذا سمح الوقت.
    1. إسرائيل والقضاء على الانتفاضة خرافة إعلامية

      المذيع: أنا سأتعرض لهذه الأدلة، ولكن عندي تساؤل مهم سوف أطرحه عليك ونفكر فيه سوياً: هل تستطيع إسرائيل -كما يقول بعضهم- في غضون يوم أو يومين أن تنهي جميع ما يسمى بـالضفة الغربية أو قطاع غزة من الوجود، ولكن يمنعها بعض الضوابط، وبعض التفكيرات، وبعض الترتيبات -دعنا نقول- السياسية التي تسعى لها إسرائيل، فبقدرتها العسكرية كما يقول هؤلاء الذين سأطرح وجهة نظراتهم كما قلت لك: لكن أستأذنك في أن تكون الإجابة بعد الفاصل....
      المذيع: ابنك بين يديك ينعم في بيتك الآمن وهو يرى والديه صباح مساء، لكن أطفال فلسطين ينامون ويتوجهون إلى المدارس تحت أزيز الطائرات وأصوات المدافع، ماذا عن أطفال فلسطين؟ كيف حال أولئك وكيف يعيشون؟ أستأذنك في أن أنقلك من نعمة ورغد العيش مع أطفالك لنشاهد تقريراً عن أطفال فلسطين ......
      ها هي صورة أطفال فلسطين، كل يوم محمد الدرة يمر أمام ناظرينا، وأنت تنعم ومعك أطفالك، هل فكرت في مثل هذا التقرير؟
      أهلاً بك فضيلة الدكتور! لقد شاهدت التقرير معنا فماذا ستقول؟
      الشيخ: نعم. في الحقيقة وإني أقول: الحمد لله على كل حال، والمؤمن يقول: الحمد لله دائماً وأبداً، وإن ما نراه من هذه المناظر ليؤكد الحقيقة التي ندعو إليها، ونرجو أن تتفهم على أعلى مستوى في هذه الأمة، وهي أنك ترى هؤلاء الشباب .. العمر عمر أطفال ولكن التحدي تحدي رجال.
      هذه المناظر وأمثالها تؤكد نظرية قيلت من غير المسلمين، بل من خبراء عسكريين يهود: أن هذه الانتفاضة لا نظير لها في التاريخ، فهي أقوى انتفاضة يشهدها التاريخ، الأم الفلسطينية هي أقوى أم في كل حروب التحرير في العالم، والطفل الفلسطيني هو أقوى طفل في كل حروب التحرير في العالم.
      وإذا أخذنا مثالاً ورجعنا إلى النظرية اليهودية التي تنبني على أحداث التوراة وعلى كلام التوراه، يقولون ويعتقدون أن جالوت كان جباراً باطشاً ... إلخ، وقصته في القرآن ثابتة؛ لكن هذا في التوراة، وأن داود عليه السلام استطاع بالمقلاع أن يغلب جالوت (بالحجر) ورسخت عندهم في التوراة قضية أن الضعيف يغلب إذا كان الحق معه، ولو لم يكن معه إلا الحجر مقابل العدو، وليكن معه من العدة والعتاد ما يكون.
      وهذا المشهد يتكرر الآن ولكن بالعكس، فداود الآن يمثل الطفل الفلسطيني المؤمن المسلم الذي يرمي الدبابة بالحجر، وجالوت هو هذا الطاغوت شارون، قائد الدبابة المجرم، هو الذي يمر فوق جثة الفتاة الأمريكية لأنها تقول: لا لهدم البيوت على أطفالها ونسائها، وهي ليست مسلمة وجاءت من نشطاء السلام، حركتها عاطفة معينة.
      ولذلك المقلاع القديم سوف يتحقق ويعاد، وينتصر المقلاع الحديث الذي بدأ بالحجر ثم تحول الآن -ولله الحمد- إلى تدمير دبابة (ميركافا) وهي أخطر دبابة في العالم، فلم تعد القضية قضية حجر، فالحجر تطور وفي خلال سنوات قليلة جداً، وهو عمر لا يكاد يذكر في تاريخ تحرير الشعوب، كم حاربت شعوب كثيرة في العالم! كم ضحت!
      هذا إلى جانب قضية أخرى ينبغي ألا تفوت، وهي أن الانتفاضة المباركة ليست فقط لقداستها ولكرامتها على الله، ولما اختص الله هذه الأرض من خير ومن...، نقول: بالأرقام وبالنسبة العددية هي أقل انتفاضة في تاريخ العالم خسائر، وأنا أسوق هذا الكلام لمن يراهن ويقول: إن الجيش الإسرائيلي يستطيع أن يفعل ويفعل...
      المذيع: السؤال الذي قبل هذا، وهو أن إسرائيل تستطيع ولكن يمنعها بعض التوجهات السياسية أو بعض الترتيبات ووجهات النظر التي ربما تحسبها الإدارة الأمريكية؟
      الشيخ: يمكن ضمير؟!!
    2. الانتفاضة تقلب نسب القتلى كرامة من الله

      المذيع: ما أظن أنه الضمير، ولكنها تخاف أحياناً من بعض الأمور، وهي في لحظة تستطيع القضاء على الفلسطينيين؟
      الشيخ: إسرائيل لا تعرف ضميراً ولا أخلاقاً ولا قوانين دولية ولا أي اعتبارات، لو كان لدى إسرائيل ومن ورائها أمريكا إمكانية أن ترمي غزة في البحر وأن ترمي الضفة الغربية وتطحنها بأي شكل ما ترددت فيه.
      القضية أكبر من هذا، إذا آمن هذا الأخ الذي يقول مثل هذا الكلام أن الجيوش العربية مجتمعة لن تبلي في اليهود بلاء مخيم جنين، فلا بد أن يحسب حساب أن هذا الكلام الذي يقوله خطأ، وأن هذه افتراضات خيالية، الحقائق والواقع تقول غير ذلك، الانتفاضة نقلت المعركة إلى قلب تل أبيب .. إلى الموانئ .. إلى عمق السوق .. إلى المطار الدولي في إسرائيل، الطيارون الغربيون يأتون في الرحلات، وما بين الرحلات يرتاح في قبرص ثم يرجع ويأخذ الركاب، لأنه لا يجد أماناً في فندق في إسرائيل، فالإسرائليون يعيشون في مجتمع ذعر، مجتمع يسيطر عليه الرعب بعد الانتفاضة.
      الجنود يعانون أشد المعاناة، حركة رصد الخدمة العسكرية لا يمكن أن تكون في دولة أو في جيش قوي قادر على أن يسحق أعداءه في أيام، بماذا وعد شارون؟ وعد بمائة يوم فقط، وهذا عندما ترشح للانتخابات، طلب مائة يوم مهلة حتى يقضي على الانتفاضة، وتمر المائة والألف وزيادة، وها هو رغم أنفه يعترف بأن هناك طرفاً آخر، وأنه لا بد أن توقع معه هدنة، وأن الهدنة قنبلة مؤقتة.
      يقولون: إنه قُتل في فيتنام ثلاثة ملايين فيتنامي وخمسين ألف أمريكي، ولكن في الحقيقة لو نظرت إلى الانتفاضة المباركة، أول ما بدأت كانت قريبة من هذه النسبة، فبدأت بواحد إلى خمسين، يقتل يهودي مقابل خمسين فلسطيني، وتطورت الأمور في خلال سنتين أو أقل حتى أصبحت النسبة تقريباً تكاد تكون ثابتة (3:1) وفي الشهر الماضي -وحصل هذا أيضاً في الشهر نفسه من العام الماضي أو في مارس السنة الماضية- بلغت النسبة (1:1) وأحيانا تزيد.
      وهذه قضية خطيرة لا يدركها كثير من الناس، وأيضاً الذي يقتل من اليهود يقتل وهو ضابط، يقتل وهو في رتبة عالية، يقتل وهو في وضع محصن، يقتل وهو في داخل مدن إسرائيلية كما تسمى ......
      المذيع: وما تدفعه إسرائيل على الفرد أكثر مما يدفع في فلسطين على الفرد.
      الشيخ: بالضبط. أما الفلسطيني فيقتل وهو طفل، وهي امرأة نائمة، جاءت الدبابة ومن أي نافذة -كما اعترف أحد الجنود- مفتوحة أطلق النار عليها، فيموت مثل هؤلاء الأطفال الذين رأيناهم وغيرهم كثير.
      عندما تقارن هذه النوعية وتقارن الإمكانيات (1:1) تكون خارقة! معجزة! إعادة لمفهوم الكرامة، عند أهل السنة والجماعة، ليس كما يدعي الخرافيون وأمثالهم أن الكرامة أن تطير في الهواء أو تمشي على الماء.
      فكرامة الإمام البخاري أنه ألف الصحيح، وكرامة الإمام أحمد أن الأسواط التي جلدها أصبحت معلماً للثبات على الحق في التاريخ كله، كرامة الأمة الفلسطينية والشعب الفلسطيني البطل المجاهد أنه يقف أمام أعتى وأخبث دولة ووراءها أقوى دولة في العالم، ومع ذلك تجد هذا الصمود وهذا التحدي وهذا الإباء.
      يقول أحد المعلقين وهو أستاذ في العلوم العسكرية في الجامعة العبرية (يهودي): إذا أردتم المقارنة الحقيقية فانظروا إلى حالنا عندما يُقتل منّا وعندما يُقتل منهم، يقول: نحن جنائزنا نواح، يبكي الضباط، ويبكي الأفراد، ويبكي الكبار، وجنائزهم تحدٍ وإصرار على كسب المعركة.
      المذيع: وهذا فرق.
      ويقول في موضع آخر: مشكلتنا نحن أن الذين يقتلون خارج العملية أحياناً أكثر من الذين يقتلون ضمن العملية، الشاب اليهودي والأسرة اليهودية تفتح الإذاعة والتلفاز في تل أبيب فترى حادثة انفجار في القدس فيغمى على بعضهم ويصاب بالسكتة وهو بعيد عن الحادث!
      بينما الفلسطينيون كما نلاحظ دائماً عندما يقع إطلاق قذيفة صاروخية يتجمعون حولها ويهتفون، إذاً هناك إرادة مختلفة، وهذه هي الفوارق والمعالم الحقيقية وليست قضية الإمكانيات، وأنا لا أعتبر أن إسرائيل تمنعها عوائق عن اجتياح المدن، بل هذا كلام غير عملي.
  3. حقيقة قضية توقيف الانتفاضة لترتيب الصفوف من جديد

     المرفق    
    المذيع: هناك قضية أخرى تطرح أيضاً -ونحن اتفقنا على أننا نطرح كل التوجهات بكل صراحة- لماذا لا تتوقف هذه الانتفاضة حتى نعيد ترتيب صفوفنا، فنحن لا نعتبره مكسباً أن يُقتل واحد مقابل واحد، لكن المكسب ألا يموت ولا مسلم مقابل ألف يهودي، فنحن نعتبر سلامة المسلم مقابل آلاف اليهود مكسباً كبيراً، لماذا لا تتوقف هذه الانتفاضة حتى يعاد ترتيب الصفوف، حتى نستطيع أن نقيم دولة لها كيانها، ويستطيع الشعب الفلسطيني أن يجد لقمة العيش، وهذا يطرح أيضاً؟
    الشيخ: هذا يطرح وكثيراً ما يطرح إما بفكر إلزامي أو بفكر إنسان لا يعيش الواقع، ولا يعيش المشكلة، ولا يرى عمق القضية وعمق الأحداث، القضية أكبر من أن تحل بهذه البساطة المتناهية، والموت هو ألا تريد الحياة، وعندما لا تريد الحياة فيمكنك أن تعيش في أي مكان، لكن إذا أردت الحياة فإرادة الحياة تحتاج إلى قرار صعب، ومن إرادة الحياة أن نجاهد في سبيل الله، والدار الآخرة هي الحيوان.
    المذيع: لكن لو توقفت هذه الانتفاضة ألا يمكن أن تحقق مكاسب أكبر؟
    الشيخ: إذا كان قرار الإيقاف من داخل قيادة الإخوة المجاهدين في أرض فلسطين، واتخذوا ذلك بناء على نظر فهو حق ومشروع، والنبي صلى الله عليه وسلم صالح المشركين وهادن، والهدنة حق، أما إذا كانت بناءً على فكر منهزم مصدر إليهم من الدول العربية أو من غيرها ويراد لهم أن يستسلموا له؛ فنحن نربأ بإخواننا عن الاستسلام، والحمد لله ثقتي الشخصية أن هذا لن يحدث أبداً.
    المذيع: هل تتوقع أن هناك مكاسب حصلت للشعب الفلسطيني من جراء هذه الانتفاضة، نعم. بالسرد التاريخي ذكرت بعض المكاسب، لكن الواقع الفلسطيني المعاش الآن: هل هناك مكاسب، أو أن الآلام تزداد يوماً بعد يوم؟
    الشيخ: لا شك أن هناك مكاسب بالمفهوم الإيماني الإسلامي الدعوي، بل كلها مكاسب؛ لأن ما يصيب المؤمن من شيء إلا وهو له خير، لكن الجانب الآخر كما ذكر الله تعالى: ((إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ))[النساء:104] فالاقتصاد الفلسطيني انهار، إخواننا داخل فلسطين كانوا يتبرعون لأقاربهم في المخيمات، لكن الآن على ضعف المخيمات وعلى فقرها هي التي ترسل للداخل، فالحياة صعبة جداً، والإشكالات كثيرة جداً.
    لكن في مقابل هذا ماذا حصل؟ الرمز الذي كان يرمز للمستوطن اليهودي الذي يأتي إلى هذه الأرض الطيبة، يقولون: الذي أرسلتك فاآت: (الفولفو) و(الفيديو) و(الفيلا) الآن خسرها جميعاً، ويريد أن يأمن فقط، يريد أن يعيش فقط.
    وهناك تقرير عن صحيفة معاريف أو الأرض تقول: إن عدد المهاجرين المرتدين -أي: الهجرة العكسية- ما بين (ستمائة ألف: مليون) وليست المشكلة أن الذين يهاجرون ربع سكان البلد، المشكلة أن الذين يهاجرون هم النخبة .. هم الطبقة المثقفة .. هم الأثرياء .. هم هم ... إلخ.
    إذاً: هناك خسارة تحيط بإسرائيل.
    وهي أيضاً كيان غريب، فالفلسطيني مهما افتقر وضيق عليه فهو في أرضه، جذوره ثابتة، فهو يدافع عن حقه المشروع الذي يعترف العالم كله بمشروعيته إلا من عمته الدعاية الصهيونية، أما اليهودي فيأتي ومعه جوازان أو جنسيتان في جيبه، فهو يريد أن يرجع ويعود فلا جذور له.
    فكلما اشتدت المقاومة واشتدت وطأتها يخرجون، الحالة التي تعيشها الآن إسرائيل هي حالة انقسام خطير جداً بين من يقول: أعطوا الفلسطينيين أي شيء ونعيش فقط، وبين من يقول: لا تعطوهم أي شيء ......
  4. الرنتيسي يؤكد استمرار الانتفاضة وتجاوز الاحتراب الداخلي المخطط له

     المرفق    
    مكالمة هاتفية: الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد قادة حركة حماس.
    المذيع: دكتور! السلام عليكم.
    الدكتور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    المذيع: أهلاً ومرحباً بك، وسعداء بسماع صوتك ومشاركتك لنا في هذا البرنامج، ومعنا في الاستديو فضيلة الدكتور سفر الحوالي، نتحدث عن هذه الانتفاضة، وأود يا دكتور عبد العزيز أن أطرح من خلال اتصالي بكم: هل لديكم آمال في نتائج الانتفاضة، أم أنها كما يقول بعض المنهزمين -وأنا اتفقت مع الدكتور أن أطرح في هذه الحلقة كل الأصوات- حيلة المضطر كما يقال؟
    الدكتور: بسم الله الرحمن الرحيم، الواقع أن الانتفاضة لم تتوقف، ولن تتوقف بإذن الله تعالى، كما أن المقاومة لم تتوقف ولن تتوقف، ولكن أستطيع أن أقول بأننا كان أمامنا عقبة كئود، هذه العقبة أرادت أن تقضي على مشروع الانتفاضة، ونحن بإذن الله وبعد الشورى نعتقد أننا تجاوزنا هذه العقبة، أما المقاومة فمستمرة والانتفاضة مستمرة، فطالما أن هناك شبراً واحداً من فلسطين لا يزال تحت الاحتلال فلا يمكن لأي إنسان في الدنيا أن يوقف انتفاضة الشعب الفلسطيني ومقاومته، والأيام القادمة ستثبت ما أقول بإذن الله.
    المذيع: وإذا قيل لكم: إن إسرائيل تنوي من خلال الاتفاق ووقف ما يسمونه بالعمليات الإرهابية إعطاء فلسطين أو السلطة الفلسطينية مساحة كبيرة في العمل، وبالتالي تهيئ فرصاً كبيرة للعودة، أي: عودة هؤلاء الفلسطينيين لحياتهم الطبيعية، والذي يقف تجاه هذا الموضوع هي حركات المقاومة الاستشهادية؟
    الدكتور: دعني أقول: لماذا ثارت الانتفاضة؟ انتفاضة الأقصى هل ثارت لأن الحياة لم تكن للشعب الفلسطيني حياة طبيعية؟ أم لأن شارون قام بتدنيس المسجد الأقصى؟ ولذلك تصوير الشعب الفلسطيني على أنه شعب يسعى من أجل بطنه وراحته وينسى كرامته؛ هذا أمر غريب جداً! خاصة أننا نعلم جيداً أن هذه الانتفاضة التي قدم فيها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمعوقين، وهدمت البيوت، كانت فقط للدفاع عن كرامة الأمة لمنع تدنيس المسجد الأقصى، مع أن العمال كانوا يعملون والشعب الفلسطيني كان يتحرك بسهولة، والأمن والسلامة متوفرة في الضفة والقطاع، لكن كان المحرك الوحيد أن هذا الشعب فيه نبض الإسلام وكرامته التي لا يمكن أن يقبل معها أي ذلة، وهذا ما يبشر بأن هذا الشعب لا يمكن أن يوقف مقاومته طالما أن الأقصى أسير، وطالما أن اللاجئين لم يعودوا، وطالما أن الاحتلال يجثم على أرض فلسطين من بحرها إلى نهرها، وطالما أن هذا العدو لا يزال يتربص بنا الدوائر.
    ونحن ندرك تماماً أن شارون تحدث عن الضفة والقطاع، فقال: هذه أرض يهودية، وقال: هذه أرض إسرائيل حررناها عام (1967م)، كل هذه تؤكد على أن ما يُخبّر الآن عبر المفاوضات هو الوهم فقط، ولكن الحقيقة أننا أمام مرحلة ستتصاعد فيها المقاومة .. أمام مرحلة صعبة جداً، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا عليها.
    المذيع: دكتور! معي أيضاً فضيلة الدكتور سفر الحوالي يود أن يطرح عليك تساؤلاً، تفضل فضيلة الدكتور.
    الشيخ: أنا سعيد جداً أن أسمع الأخ المجاهد البطل الأخ الدكتور عبد العزيز، وأن نتحدث معاً في وقت واحد وأهنئه ونهنئ الأمة أولاً بنجاته من ذلك الحادث، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون قد ادخر الشهادة لي وله لأجل أفضل، وهو أهل للشهادة، ثم أهنئه أيضاً على هذا الإنجاز الكبير الذي أرجو أن يسلط الضوء عليه وهو: نجاح الإخوة في قيادة العمل الجهادي والمقاومة في فلسطين في تجاوز أزمة الاقتتال أو الاحتراب الداخلي الذي كان مخططاً له أن يكون، أظن يا دكتور هذه النقطة مهمة فلو أنك أعطيت شيئاً عنها.
    الدكتور: أنا أحيي فضيلة الدكتور، وأسأل الله فعلاً أن يرزقنا جميعاً الشهادة وهي أملنا وهدفنا إن شاء الله، الواقع أني ذكرت من قبل وقلت: إن العامل الرئيسي الذي جعلنا نتخذ هذا القرار وهو تعليق العمليات لمدة ثلاثة أشهر بشروط محددة، العامل الرئيسي وأؤكد على ذلك هو منع الاقتتال الداخلي، فنحن رأينا أن هناك قوى شريرة تدفع السلطة الفلسطينية باتجاه الاحتراب مع حركة حماس بالذات، وطبعاً مع باقي الفصائل الوطنية والإسلامية.
    أدركنا ذلك وعلمنا أنه إذا ما تم لا قدّر الله ونحن كنا دائماً صمام أمان لمنع هذا الاحتراب الداخلي، إذا ما قدّر لهذا الاحتراب الداخلي أن يكون ولن يكون -وأبشر الأمة أنه لن يكون بإذن الله- فالمقاومة ستنتهي والانتفاضة ستنتهي وسيقف هذا العدو المتربص بنا الدوائر يتفرج على الشعب الفلسطيني والدم الفلسطيني وهو يسفك بيد فلسطينية.
    أدركنا ذلك وأيقنا بأننا أمام عقبة كئود يجب أن نتجاوزها لمنع هذا الاحتراب الداخلي، لذلك فالعامل الرئيسي -وأؤكد على هذا الأمر؛ لأننا كما تعلمون ضد خارطة الطريق، ولا يمكن أن نقبل يوماً من الأيام أن نفرط بشبر من الوطن، لا يمكن أن نقبل في يوم من الأيام أن نعترف بهذا الكيان المسخ الغاصب لـفلسطين- من هنا أؤكد أن هذا هو العامل الوحيد خاصة أننا رأينا أن هناك من يتعاطى مع الضغوط التي تُمارس من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية.
    1. الدور المطلوب من الإعلام العربي حول قضية فلسطين

      المذيع: دكتور عبد العزيز أيضاً كان لقناة المجد بحمد الله شرف أن خصصت برنامجاً هاماً يهتم بقضية فلسطين وهو (من فلسطين مع التحية) هذا البرنامج يبث أسبوعياً، ويهتم بالعديد من القضايا ويطرح مجموعة من الموضوعات الهامة التي تتعرض لهذا الموضوع، أود من خلالكم دكتور عبد العزيز أن تحدثنا عن الرسالة الإعلامية التي تودون أن توجهوها إلى وسائل الإعلام المختلفة؟
      أيضاً هل هناك آلية تفعيل للدور الإعلامي من قبلكم، والتعاون الإعلامي لوسائل الإعلام المختلفة، خصوصاً أنني أشرت أن قناة المجد كما ذكرت لك: خصصت برنامجاً هاماً حول هذا الموضوع؟
      الدكتور: الواقع أننا بحاجة دائمة لمثل هذه البرامج التي تركز على القضية الفلسطينية التي تبين الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، والتي تبين تاريخ هذه القضية، وتاريخها القريب؛ لأن لدينا الآن أجيال، ولا أقول: في فلسطين؛ لأن الأطفال يعون أبعاد القضية، لكن في عالمنا العربي والإسلامي هناك أجيال أصبحت لا تدرك لماذا نحارب ما يسمى بإسرائيل! وكأننا نحترب أو نتقاتل مع دولة مشروعة، أو دولة لم تغتصب أرض المسلمين، لذلك فالتركيز وتوعية الأجيال أمر مهم.
      ثانياً: تسليط الضوء على ممارسات هذا الكيان الصهيوني المسخ ضد أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة أنه -وللأسف الشديد- ظهر من بني جلدتنا من يتهم المقاومة المشروعة والجهاد الذي نقوم به في فلسطين بالإرهاب، وهذا فيه اتهام لمقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة، وفيه إعطاء الشرعية لما يقوم به العدو الصهيوني من إرهاب حقيقي ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
      لذلك هذه المسميات عندما نعالجها في إعلامنا يكون لها قيمة كبيرة في توعية الشارع العربي والإسلامي؛ لخطورة هذه المصطلحات التي استخدمها العدو الصهيوني، وبات يستخدمها الآن من هم محسوبون على الشعب الفلسطيني أو الأمة العربية والإسلامية.
      هناك أيضاً: لا بد من توعية الأجيال لمحاربة هذا العدو، وطبعاً الجهاد في سبيل الله له أشكال متعددة، فإن كنا نحن في الخندق المتقدم نجاهد بدمائنا وأرواحنا فهناك من يستطيع أن يقاوم بالمقاطعة، مقاطعة البضائع الأمريكية، مقاطعة هذا العدو، مقاطعة التطبيع، أو التشهير بالتطبيع مع هذا العدو أو التنفير من التطبيع مع هذا العدو؛ لأننا أمام مرحلة يجب أن نحافظ فيها على الوعي -وعي الأجيال- لأننا أمام عملية غسيل لأدمغة هذه الأمة، لتنسى حاضرها وماضيها ومستقبلها، حتى تنسى هذه القضية الهامة، وهذا يسهل على العدو أن يمرر مشاريعه التصفوية للقضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني.
      فالإعلام يجب أن يساهم مساهمة كبرى، خاصة أننا نرى أن العدو الصهيوني في إعلامه سواء هنا أو في الغرب أو في أمريكا يركز على كلمة واحدة هي: الإرهاب.. الإرهاب.. الإرهاب.. حتى أصبحت كأن العالم يصدق هذه الكلمة، فلماذا نحن لا نركز على إرهاب هذا العدو الصهيوني، ونركز على مشروعية المقاومة؟!
      وأنا أضرب أمثلة والساحة الإعلامية فيها مجال واسع للعمل الإعلامي.
      المذيع: شكراً لكم دكتور عبد العزيز لمساهمتكم معنا في هذا البرنامج وفي هذه الحلقة، وأسأل الله تعالى أن يوفقكم وأن يسددكم.
      كان معنا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد قادة حركة حماس، شكراً للدكتور.
      الدكتور: شكراً لكم.
    2. التأكيد على عدم رواج دعاية يهود في سوق الاسلام

      المذيع: فضيلة الدكتور هل لكم تعليق؟
      الشيخ: أنا أريد في الحقيقة أن أطمئن أخي الدكتور المجاهد عبد العزيز الرنتيسي وكل الإخوة هناك أن هذه الشعارات وهذه الدعايات الصهيونية وما يقال..، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نجد له أرضاً في أرض الإسلام بإذن الله تبارك وتعالى.
      أنا حقيقة محمل بأمانات كثيرة وأبحث عن وسيلة لأبلغها -والآن جاءت لي الفرصة- من كل من أعلمهم في هذه البلاد الطيبة الطاهرة، ومن كل من يأتينا من حاج أو معتمر في مكة المكرمة، كل هذه الأمة من أندونيسيا إلى نيجيريا وفي كل البلاد، الكل يقف مع إخواننا في فلسطين ولله الحمد، الكل يتمنى اليوم الذي يتاح له فيه أن ينال بعض الشرف الذي نالوه بأن يكونوا في مواجهة أعدى أعداء الله، كل واحد يتمنى أن يقدم أي شيء لهم، لا سوق هنا لدعاوى أمريكا ولا إعلامها.
      بل قلت أنا لمجموعة من ممثلي الإعلام الأمريكيين والبريطانيين قابلتهم، وقلت لهم: والله إني لأعرف أناساً هنا ليس بالعدد القليل، بل ربما كل واحد في هذا البلد، لو رأى البلدية تهدم بيته أهون عليه من أن يرى جند شارون يهدمون بيتاً فلسطينياً والأم والأطفال يصرخون ويبكون، هو دين وإيمان وعبادة أن نحب إخواننا هناك وأن نكون معهم، قد تتباعد الأبدان ولا نستطيع أن نقدم كل ما نريد أن نقدم، قد يحدث هناك مشكلات والإخوة يقدرونها، أما القلوب فهي والله معهم، وأما الدعاء فهو دائماً وأبداً.
      ونحن نتحين الفرصة لكي نقدم بإذن الله تعالى ما نستطيع مما تفضل به الدكتور، وعلى سبيل المثال: تأسيس الحملة العالمية لمقاومة العدوان هي لسد هذه الثغرة، فقد كفونا مؤنة الجانب الجهادي بشجاعتهم وبسالتهم ومقاومتهم، لكن نعم، هناك الجهاد الاقتصادي، والجانب الثقافي، والجانب الإعلامي، كل هذه الأمور.
      فنحن الحقيقة في خدمتهم، نحن لا زلنا في البداية والحملة في بدايتها، ولكنهم أو الإخوة في العراق أو في أي بلد مسلم الحملة أنشأتها الأمة الإسلامية، وهي تريد بإذن الله تبارك وتعالى أن تحقق هذه الأهداف من خلال المشروع، هو مشروع سلمي، لكنه مقاومة ثقافية واقتصادية وإعلامية ودعوية متكاملة بإذن الله تبارك وتعالى، ويسعدنا ويشرفنا أي اقتراح يقدمه لنا إخواننا المرابطون في الأرض المباركة.
  5. أثر الانتفاضة على الفرد الفلسطيني فكرياً وعلى إسرائيل

     المرفق    
    المذيع: كما تحدثنا عن أثر الانتفاضة على الأفراد في فلسطين -أشرنا إلى جزء من هذا قبل مداخلة الدكتور ولكن نستكمل- فهل ترون أن هناك أثراً واضحاً لهذه الانتفاضة على معظم الشعب الفلسطيني أو المجتمع بأسره؟
    1. أثر الانتفاضة على الفرد الفلسطيني

      الشيخ: نعم. هي من فضل الله تبارك وتعالى أن قامت الانتفاضة في وقت كان يراد مسخ هذا الشعب، كان يراد أن ينسى دينه وإيمانه وهويته وقضيته، فمنذ أن قامت حصل هناك تغيرات داخل المجتمع الفلسطيني لا يراها الكثير، لأن الإعلام دائماً يركز على المقاومة والمواجهة وهدم المنازل والأعمال الاستشهادية وما إلى ذلك.
      فهناك تغير عظيم، غيروا فغير الله ما بهم، وقد جعل الله في هذا قاعدة: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11] حلقات تحفيظ القرآن .. انتشار الدعوة إلى الله تبارك وتعالى .. كلمة الشهادة أصبحت على فم كل فرد: الطفل.. العجوز.. الصغير.. الكبير، القضاء على كثير من المنكرات والإقبال على العلم الشرعي، حتى إخواننا الذين داخل ما يسمى بالخط الأخضر أو أرض (1948م) هناك والحمد لله عودة إلى الله تبارك وتعالى، وإحياء للمساجد وللقرآن ولحلقاته ولتعليمه، رغم أنه حق مكفول لهم، وكما يقال -طبعاً-: إن إسرائيل دولة ديمقراطية إلا أنهم يعانون معاناة من أجل ألا يفقدوا هويتهم، وهم ناجحون ولله الحمد في ذلك.
      هذا التغيير في الحقيقة مهم جداً، والتغيير الآخر في نظري وأيضاً تفضل الدكتور بعرضه والحمد لله أنه أكد ما كنت أقوله: أن الانتفاضة ليست فقط فكرة جهادية أو عمل جهادي، الانتفاضة أعطت الدعوة الإسلامية درساً عملياً مفيداً جداً في كل مكان، وهو: أنه يجب عليك أن تتجاوز الخلافات الداخلية وأن تؤجلها أو تجمدها من أجل أن تواجه العدو المشترك، وهذا درس عظيم.
      في كل ذرة كان هناك أيدي عابثة مجرمة تقتل من إخواننا المجاهدين، وإخواننا ينتقمون من اليهود، وهذا مبدأ أعلنوه مراراً: إن ضربتمونا أو قتلتمونا فنحن سننتقم من اليهود، وبذلك التف المجتمع ولله الحمد فأصبحوا... -وأنا قرأت هذا لعدة محللين كبار إسرائيليين من مواقع الإنترنت الإعلامية اليهودية- يقولون: إن حماس بالذات كسبت الشارع الفلسطيني، وتسحب كل يوم من السلطة ومن مؤسساتها -كما قلت قبل قليل- كتائب الأقصى التي تنتمي إلى منظمة السلطة باعتبار زعيم السلطة هو زعيم حركة فتح، ومع ذلك فهي في الميدان مع الإخوة من حماس ومن الجهاد.
      هذا الانتصار كبير؛ لأن إرادة الحياة وإرادة التغيير إنما تبدأ هكذا ويقابلها عوامل الانهيار التي تحدث في إسرائيل.
    2. مؤشرات سقوط إسرائيل بين الأمل والواقع

      المذيع: أي أن عوامل الانهيار في المجتمع الإسرائيلي مهمة وخصوصاً أن بعض المتفائلين من أمثالكم يا دكتور ومن غيركم يقولون: إن إسرائيل سوف تسقط قريباً، ومؤشرات السقوط واضحة مع أن إسرائيل هي بلد ديمقراطي، بل هي أنجح وأفضل وأروع دولة ديمقراطية في الشرق الأوسط -كما يقال- إسرائيل تملك ترسانة نووية لا تستطيع الدول العربية مجتمعة أن تقاومها، إسرائيل باقتصادها القوي لا تستطيع الدول العربية بأسرها أن تقف أمامها، مواضيع عديدة تطرح، وأستأذنك أن تكون الإجابة بعد الفاصل بإذن الله؟
      المذيع: دكتور ذكرت لك قبل الفاصل أن إسرائيل دولة ديمقراطية وأنها من أقوى دول المنطقة، دولة تدعمها قوى عظمى: الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لمصالحها صباح مساء، الهيمنة الإسرائيلية واضحة على المنطقة، ومع ذلك يتفاءل البعض ويقولون: مؤشرات السقوط بدت واضحة؟
      الشيخ: فلنفترض أن هذه الدولة قلعة مليئة بالذهب والكنوز والمجتمع الناعم المترف ..، عندما أرى علامات التصدع من حقي أن أتفاءل ويحب علي أن أوضحها، والموضوع طويل، وأنا أنطلق من نفس النقاط الثلاث التي أشرنا إليها.
      فبالنسبة للقوة العسكرية نعم لا يمكن أن يقاومها جيش عربي ولا حتى الجيوش العربية مجتمعة، لكن ما فعلته الانتفاضة حتى تصبح النسبة (1:1) هذه أعجوبة وهذه كرامة خارقة لا نظير لها في تاريخ الحركات الانتفاضية في العالم، ويكفينا هذا أن الميدان لو حسم المعركة فليس وراء شارون من سفاح ولا وراء أمريكا من دولة أعتى منها لتمد إسرائيل، فهي في المعركة مع إسرائيل، وفي كل ميدان مع إسرائيل، ومع ذلك عسكرياً... يكفي أن شارون يرضى بالهدنة أو يطالب بها أو يقبلها، لأن الحل العسكري لم يعد يعطي....
    3. الانهيار العسكري والاقتصادي في إسرائيل

      المذيع: لكن لم يستخدم يا دكتور؟
      الشيخ: فليكن.. فالحل العسكري إن لم يستخدم فانظر إلى الموضوع من جانبه الآخر، المفاعل النووي بما أنه مصدر قوة لإسرائيل لكي تضرب أعداءها، ولكي تفعل أو تدمر، وهي لم تستطع بقذيفة نووية أن تقتل استشهادياً في حافلة أو في سوق فأصبح محايداً، وأصبح أزمة وجود المفاعل؛ لأن أي عملية استشهادية قد تحدث، أو أي ضربة صاروخية له قد تقلب الأوضاع رأساً على عقب؛ لأن كل شيء يجب أن نعلم أن له وعليه.
      فلنتجاوز الموضوع العسكري على أية حال ولنفرض أن البلاء حاصل ((وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ))[آل عمران:140] ليس هناك مشكلة في الجانب العسكري.
      قوة إسرائيل الاقتصادية: فإسرائيل قبل الانتفاضة كانت من أرقى الدول في التقنية العالية، وكان دخل الفرد في إسرائيل يقارب (24 : 21) ألف دولار فهي من أغنى الدول في العالم، الانتفاضة ضربت الاقتصاد الإسرائيلي في الصميم، المليون مهاجر الذين أشرت إليهم قبل قليل أكثرهم من هذه النخبة، المصانع تعطلت، العمالة الفلسطينية التي كانت تعمل توقفت، أيضاً حتى التجارة وهذا أحد العوامل.
      حدثت عوامل أخرى أيضاً: مثلاً: الأموال، حجم الاستثمارات في بورصة تل أبيب وقد قرأته من مصادر، أي: بلغ الانخفاض (97%)، هناك مثلاً حقائق معينة، الاستثمار الخارجي تناقص في إسرائيل فما بين (2000م : 2001م) (60%) ثم نقص في عام (2002م) عن عام (2001م) (55%) وهو خطير جداً، والشيكل قيمته تتهاوى.
      مجتمع غير آمن يسيطر عليه الرعب والذعر، بل حتى على كلابه.. حتى على حيواناته، مجتمع فيه من يتعاهدون ويتعاقبون على ألا نخرج من البيت أبداً، كيف يمكن أن يكون الوضع الاقتصادي مع هذا الشكل؟ الرحلات الجوية انخفضت بشكل كبير جداً، النقل البحري انخفض وارتفعت التأمينات بشكل هائل جداً، ليس هناك أحد مغامر يأتي إلى إسرائيل لكي يقتل نفسه، فالبلد يعيش رعباً.
      المحكمة الأرجنتينية حكمت لرجل يهودي هاجر إلى هناك ومعه ابنه بأن الابن من حقه وليس من حق الأم التي تعيش في داخل الدولة .. لماذا؟ لأنه بلد غير آمن، حكم قضائي يحكم بأن البلد غير آمن.
      فكيف يكون الاقتصاد ناجحاً في بلد غير آمن؟!
      نأتي إلى القضية الثالثة على عجل: دولة المؤسسات.
    4. التفرقة العنصرية بين اليهود وظهور التصدع

      المذيع: يستطيع أي فرد في إسرائيل أن يوقف رئيس الوزراء وأن يحاسبه دون أن يخاف من أي سلطة، وهذا غير موجود في أي دولة إسلامية؟
      الشيخ: لا يوجد مع الأسف، وهذا من أسباب بقاء إسرائيل؛ لولا أن هناك قوة فإن سنة الله لا تتغير، لنعلم أنه لولا القوة الاقتصادية وقوة الدعم وقوة النظام لما وجدت أصلاً إسرائيل، لكن أيضاً خذ الآن بدء التصدع في القلعة كيف يقع:
      إسرائيل وَهْمٌ أنها دولة ديمقراطية، لا أقول لك يا أخي الكريم أو إلى إخواني المشاهدين: إن إسرائيل لا تتعامل ديمقراطياً مع إخواننا المسلمين أو العربي الداخل.. لا، لا، ولكن حتى كيف يتعامل اليهودي الأمريكي مع اليهودي الحبشي، أو اليهودي الهندي أو اليهودي اليمني، فيوجد في المجتمع تفرقة عنصرية مقيتة، مجتمع يثير البغضاء والحقد، هناك حي في شمال تل أبيب وهو الحي الراقي، وهناك يسكن فيه الفئة المترفة وغالبهم أمريكيون، المهاجر الروسي فضلاً عن الحبشي أو الهندي يأتي ويعمل ماسح أحذية في أي مكان، ولا يجد عملاً، أيضاً يضطر أن يرجع ويهاجر إلى أمريكا أو إلى أي بلد.
      لا توجد إلا نظريات وهمية .. قضية الديمقراطية أو المساواة في الحقوق، أكثر من هذا يصل الأمر إلى حد التشفي، أن هناك جماعات من هذه الطوائف المحتقرة تتشفى بأي عملية استشهادية تكون داخل سوق يملكه أحد هؤلاء الأثرياء، فالمجتمع يعيش هذه الحالة من الانقسام.
      هناك رجل يدعى روبن غال وهو من كبار المحللين لعلم النفس في الجيش الإسرائيلي تكلم على هذه الظاهرة بكلام طويل جداً، وقال: لأول مرة نحن نشاهد هذه الظاهرة في إسرائيل، ظهر الانهيار النفسي والتفرقة العنصرية، لا يكاد أي يهودي إلا يحسب بالدقائق متى تنتهي نوبته حتى يرجع إلى أهله، إلا أن بعض الأفراد من الجيش يبقى، فتعجب! لماذا تبقى؟ قال: لأني لا أملك شيئاً.
      نعم في إسرائيل مترفون وأثرياء ولكن يوجد فيها أيضاً الطبقات الفقيرة والمحتقرة، وشعب يعيش تفرقة عنصرية ويعيش ذعراً دائماً، ويعيش حالة من الارتباك النفسي، ومعدل الهجرة يرتفع، وهذا ما ذكرته أحد الصحف حين أكدت أن (50%) من العلمانيين في إسرائيل قد فكر في الهجرة أو شاور من هاجر، الهجرة من إسرائيل والعودة إلى أوطانهم، والبعض يحتاط فيحمل معه جنسيتين أو جوازين.
      في ظل هذه المعطيات جميعاً فإنه بالفعل هناك عوامل تصدع.
      وهناك قضية أخيرة وهي: أن كثيراً من الإخوة يقول: كيف تتخيل أن يكون انهيار إسرائيل؟
      ليس بالضرورة كما يخطر للبعض أن يهجم إخواننا المجاهدون على تل أبيب فيحتلونها وتنتهي إسرائيل، وهذا يمكن إن شاء الله، وأنا أنقل نقلاً لأحد الخبراء العسكريين في إسرائيل وهو كبير جداً، يقول: النهاية سوف تكون بهذا الشكل -وهذا الكلام قبل فترة طويلة-.
      يأتي حاكم يهودي مثل رابين فيوقع اتفاق صلح فيرفضه المستوطنون أو بعضهم، فيقتل، وإذا تكررت حادثة قتل مثلما حدث لـرابين فسوف تقوم حرب أهلية في داخل إسرائيل، لأن المجتمع يعاني من رأيين متنافرين جداً.
      المذيع: وأين موقف أمريكا من هذا؟ أمريكا لا يمكن أن تترك الوضع بهذه الصورة فـأمريكا لن تسمح بتصدع إسرائيل حتى لو وجدت هذه المبررات، ومادامت أمريكا موجودة فلن تسمح بتصدع إسرائيل؟
      الشيخ: وماذا ستفعل أمريكا في هذه الحالة، على كل حال أنت تتكلم على مجتمع عقلاني وحالة الاحتراب الداخلي حالة غير عقلانية، عندما يأتي مستوطن مثلما فعل هذا الذي قتل رابين أو غيره ومعه مجموعات تقول: لا يمكن أن نعطي الفلسطينيين ذرة تراب، وآخر يقول: أعطوا الفلسطينيين كل شيء لكي نعيش فقط، هؤلاء إذا تقاتلوا لا نستطيع أن نقول: انتهت إسرائيل، ستكون بداية النهاية، وسنجد أن أحد الطرفين يحالف المقاومة.
      المذيع: لكن من يحرك هؤلاء، أليست الأحزاب الإسرائيلية؟
      الشيخ: الأحزاب الإسرائيلية تعاني انقساماً شديداً، والمواطن الإسرائيلي فقد الثقة في الكنيست، فقد الثقة في الأحزاب، وهذه حقائق سوف أذكر لك بعضها وليست مجرد افتراضات مني، فهذه حقائق لو وعيناها وفهمها كثير من الإخوة فسوف تغير النظرة لديهم لكي تصبح أكثر تفاؤلاً وثقة وتوكلاً، لا أقول لك: اليوم ولا غداً، وأذكر لك مثالاً:
      مركز الدراسات الاستراتيجية في تل أبيب حدد نهاية إسرائيل بعام (2012م).
      وهناك شيء آخر، هناك كلام يقرءونه في التوراة عن: كيف يمكن أن تكون بقية إسرائيل؟ وهذه دولة إسرائيل تسمى عندهم في الكتب (بقية إسرائيل التي تأتي في آخر الزمان) فكيف تكون في آخر الزمان؟ قال: سوف تكون على ثلاثة أقسام:
      القسم الأول: يصهر في الأوتون ويحرق، وهذا الذي سوف تفعله الانتفاضة إن شاء الله.
      القسم الثاني: يطرد في أنحاء الأرض.
      القسم الثالث: يرعى ويربض كما تربض الغنم، وهؤلاء هم الذين سيقبل منهم إخواننا الفلسطينيون الجزية وأن يعيشوا كمواطنين يهود في ظل دولة إسلامية فلسطينية بإذن الله تبارك وتعالى، وهذه ثقتنا في الله ويجب أن تكون كذلك، وإذا أيقنا بهذه الحقائق وأنها ليست من نسج الخيال وأنها مبنية على دراسات وعلى معطيات، وعلى حقائق وأرقام، فأعتقد أن الصورة سوف تتغير كثيراً، وسوف نعرف قدر الانتفاضة بشكل أكبر مما نعرفه من أحداث يومية تقع وهي دول هكذا وأحزاب.
  6. سقوط إسرائيل في ظل النصوص القديمة

     المرفق    
    المذيع: في ظل هذه المعطيات أنت ذكرت أنك ستذكر نهاية إسرائيل، لكن بعضهم حددها بالأزمنة كـ(2012م) أو (2025م) هذه كلها في ظل قراءة للنصوص، هذا الأمر موجود أيضاً عند الغرب بأنفسهم، أذكر لك مثالاً: هربرت أردستون هو يسقط بعض نصوص التوراة ونحن نتعجب من هؤلاء فنجد هؤلاء في المسلمين ونجدهم أيضاً في الغرب، فقضية غريبة أن توجد هذه الصورة عندنا وعندهم؟
    1. نظرة الإسلام إلى الغيب من خلال النصوص

      الشيخ: لا نحن ميزتنا والحمد لله أننا ننظر للعالم الغيبي من خلال الحقائق، ولن تتخلف أبداً.. النار التي تخرج في بصرى وقتال الترك مثلاً، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من فتح بيت المقدس وسقوط كسرى وقيصر، كل هذه حقائق لم ولن تختلف، هم يفترضون افتراضات، أنا عندما رأيت حجم النبوءات والهيلمان الذي حدث من أجل الألفية وما الألفية، وأن إسرائيل كل وجودها على أسطورة وخرافة نبوءات لديهم، لديهم وعد نقل وحول عن حقيقته إلى وعد آخر، فكتبت كتاب ( يوم الغضب ) وأقول: لا نعتقد نحن هذا، ولكن نبرهن من نفس التوراة على أن نهاية إسرائيل سوف تكون قريباً، وكما ذكرت لك النص الذي ذكرته قبل قليل، وفي رؤيا دانيال وغيره ما يؤكد هذا.
      هربرت أردستون وأمثاله جاءوا من الناحية الأخرى، وهو في الحقيقة قد زاد شيئاً مفيداً جداً: يقول: إن ما جاء من وعد في التوراة لا ينطبق على اليهود ولا ينطبق على إسرائيل! لماذا؟ لأن الوعد فيه أنهم يكثرون جداً جداً، فيكونون أمة عظيمة، وأنها تدخل في جميع شعوب العالم، وأنها تفتح مساحات هائلة من الأرض، وأنها تسيطر على عدد هائل من الثروات، وتملك البحار، وتملك الأنهار، كل هذا حق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن في نفس التوراة: "ابنك البكر" والبكر هو إسماعيل، فحقائق هذه أمة إسماعيل، لأن أمة إسماعيل هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بينما هو قال: هذا ينطبق على إسرائيل إلى حد ما صحيح، ثم زاد عليه وقال: الأمة التي توسعت وانتشرت هي الإمبراطورية البريطانية وأمريكا .
      فإذاً شعب الله المختار هو: أمريكا وبريطانيا واستراليا وهي الشعوب الناطقة بالإنجليزية.
    2. الانسياق مع اليهود في تحليل النصوص خطأ وانحراف

      المذيع: تقصد من ذلك أننا أيضاً ربما ننساق معهم أحياناً في تحليلاتنا؟
      الشيخ: نحن لو صدقنا خرافتهم فسنكون مخطئين جداً، لكن إذا تعاملنا مع القضية بحقيقة ما ينبغي أن يكون فأنت تتعامل مع النبوءة بنبوءة مضادة، كما أنك تتعامل مع المدفع بالمدفع المضاد .. مع الفكر بالفكر المضاد، لأن المعركة معركة فكرية عقدية، معركة لها جذور تاريخية في النبوءات.
      العراق مثلاً، احتلال العراق جزء النبوءة التوراتية، وأن الآشورية وشعب الشمال خطر يدمر إسرائيل، هذا موجود لديهم، فنحن لا بد أن نُقيم الحجة من جنس ما يحاربنا به العدو أياً كان، فنحن الحمد لله حتى قراءة التوراة قراءة صحيحة متمعنة تقودنا إلى هذه النتيجة، أضرب لك مثالاً واحداً يقرؤه جميع اليهود:
      يقول: الأمة لن ترث الأرض، لن أورث الأرض من يقتل الأرملة والطفل والمسكين، إنما يرثها عبادي الصالحون، وجاء في القرآن: ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ))[الأنبياء:105].
      ثم نبوءة أخرى تقول: الذين يرثون الأرض هم الذين يعبدون الله تعالى كتفاً إلى كتف، هل هناك أمة في الأرض تعبد الله كتفاً إلى كتف إلا نحن عندما نصلي؟
      الصور الموجودة لديهم يرفعونها في جدرانهم عن إبراهيم عليه السلام، لماذا؟ لأنه كان حنيفاً مسلماً، فالحمد لله كل النبوءات وكل الآثار تؤكد حقنا في هذه القضية.
  7. محمود الزهار .. والانتفاضة

     المرفق    
    اتصال هاتفي: الدكتور محمود الزهار أحد قادة حركة حماس.
    المذيع: دكتور! سلام الله عليك.
    الزهار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    المذيع: أهلاً بك يا دكتور! نحن سعداء بمشاركتك معنا، معنا فضيلة الدكتور سفر الحوالي نتحدث عن الانتفاضة، وأود من خلالكم أولاً أن أستطلع مدى تأثير الانتفاضة الفلسطينية على واقع المجتمع اليهودي، نحن أشرنا من خلال ما تفضل به الدكتور من خلال دراسة كتبها، ولكن نود أيضاً أن نأخذ هذا من خلال اطلاعكم القريب لهذا؟
    1. انهيار الأمن القومي والفردي الإسرائيلي بسبب الانتفاضة

      الدكتور: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، بداية اسمح لي أن أوجه تحية إلى الأخ الدكتور سفر، وأرجو أن يتقبل الله تبارك وتعالى منه هذه المعلومات القيمة الحقيقية.
      أريد أولاً أؤمن على كل ما قال، لكن أريد أن أضيف جزءاً آخر يتعلق بالموضوع الأهم، الدولة اليهودية قامت في الواقع على عاملين: الأمن والرخاء لكل يهودي في العالم، والأمن له ثلاثة مستويات في الكيان الإسرائيلي:
      أمن الفرد، وأمن الاحتلال، وأمن الدولة، موضوع أمن الفرد كما قال الدكتور سفر ضُرب ضربة قاصمة بحيث لا يستطيع أن يقول أي إنسان: إنه آمن في الكيان الإسرائيلي، الحديث عن إرسال الكلاب لتشتري لهم من الأسواق، الحديث على عدم الخروج من البيت، على عدم الذهاب إلى الشغل، توصيل الأولاد إلى المدارس، عدم ركوب الحافلات العامة إلى كل ذلك.. حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها، ونحن الذين يتحدثون إلينا من العرب الصحفيين يقولون: إن الوضع وصل إلى مرحلة لم تصل إليها الدولة في يوم من الأيام.
      ثانياً: أمن الاحتلال، فعلى مدى (23) سنة قبل الانتفاضة المباركة قتل من اليهود (553) يهودياً، بينما آخر إحصائية إسرائيلية تقول: إن في الانتفاضة الأخيرة (890) قتيل إسرائيلي، كانت نسبة القتلى الفلسطينيين إلى الإسرائيليين (1: 10) بينما الآن انخفضت إلى (1: 3) وماذا يقصفون؟ الأطفال والنساء وكبار السن، ويهدمون البيوت على رءوس الكبار الذين يخرجون، بينما نحن نقاتل ونواجه الجندي الإسرائيلي والمستوطن الإسرائيلي.
      نأتي إلى النقطة الأخطر والأهم والتي قال عنها شارون: إنهم يدافعون عن وجودهم، وهو في ذلك صادق، كيف؟
      نظرية الأمن القومي الإسرائيلية كانت تقول دائماً: الحروب تبقى خارج حدود الأرض الفلسطينية المحتلة عام (1948م)، فحرب (1948م) كانت باستمرار تتوسع، وحرب (1956م) كانت في سيناء وكانت في غزة ولم تكن في داخل حدود (1948م)، وحرب (1967م) انتقلت إلى الجولان وإلى الضفة الغربية وإلى سيناء ولم يكن هناك مس للأمن القومي، بمعنى: لا يخسر السلم المستوطن الصهيوني في الأرض الفلسطينية.
      فلأول مرة الأمن القومي يتفجر قلب الكيان الإسرائيلي في ثوانٍ في القدس أو في حيفا أو في يافا، وبذلك أصبحت المعركة في أحشاء الكيان الإسرائيلي، ولم تستطع أن تصل إلى ذلك حروب الدول العربية بمجملها.
      النقطة التي أريد أن أضيفها وأؤمن على ما قاله الدكتور سفر في موضوع الاقتصاد، وهي أن خسائر الكيان الإسرائيلي (23) مليار دولار في الانتفاضة المباركة، والخسائر ليست مرتبطة فقط بحجم ما أصابهم، ولكن بحجم الثقة الدولية في الكيان الإسرائيلي كمكان للاستثمار، وهذا كان لا يتأتى إلا عبر الرحلات والسياحة التي ضربت.
      أستطيع أن أقول لك: إن أكثر من (90%) من فنادق الكيان الإسرائيلي أغلقت، هذا الموضوع ألقى بظلاله على البورصة.
    2. ثلاثة محاور رسختها الانتفاضة لصالح الفلسطينيين

      إذاً: نستطيع أن نقول: إن الانتفاضة المباركة استطاعت أن ترسخ ثلاثة مفاهيم فيما يعرف بالبنية التحتية:
      أولاً: الإرادة، إرادة الشارع الفلسطيني إرادة لا يستطيع أحد أن ينكر أنها إرادة في منتهى الروعة، هذه الإرادة التي تقول بـمحمد الغول (14.5) تواجه قوات الكمندوز قبل أسبوعين فقط، قوات كمندوز جاءت من البحر وتركوا خلفهم أقدامهم وصور أظنكم رأيتموها.
      إرادة المقاومة والقتال لا يستطيع أحد أن ينكرها.
      ثانياً: هذا الرحم الذي يصب في المقاومة، لو لم تكن هناك الرغبة الشعبية في الاستمرار في المقاومة لما وجدت حماس لها من معين أبداً بعد الله تبارك وتعالى؛ لأن الأم التي تحوّل شهادة ابنها إلى عرس وتوزع الحلوى، الأم والأخت والزوجة التي تقول وهي تودع ابنها أو زوجها أو أخاها تقول: سننجب حتى نوجد جيل تغيير يقاوم الاحتلال، هذه الظاهرة لا تجد منها نموذجاً واحداً في الكيان الإسرائيلي.
      ثالثاً: السلاح نزع منا في عام (1996م) وأرخص شيء يمكن أن يعيشه إنسان هو السلاح، لكننا في خلال فترة بسيطة من حُلي النساء ومن عرق الرجال أوجدنا السلاح، والعجيب في هذا السلاح أنه يصنع من مواد قد لا تخطر على بال أحد، من اليوريا؛ من مخلفات البول، وبه نستطيع أن نهزم الكيان الإسرائيلي، وبالتالي دخلوا في منطقة الشجاعية ليقابلوا عائلة وظلوا يمشون (14) ساعة وهي لا تبعد سوى كيلو متر عن الحدود والإمدادات، تركوا خلفهم دبابتهم وعندنا على الأقل باب دبابة موجود الآن في غزة، وتستطيع أن ترى هذه الملحمة البطولية.
      إذا أردنا أن نسجل تاريخ الشعب الفلسطيني فلكل شهيد من هؤلاء قصة، انظر إلى ما سجلته الأمة العربية، أحمد عرابي فقط لأنه قال: والله لن نستعبد بعد اليوم، أصبح الآن رمزاً من رموز مصر، لكننا اليوم إذا وضعنا أي شهيد من شهداء الشعب الفلسطيني فإنه سيصبح قصة يفخر بها كل العالم الإسلامي.
      نقولها وأعناقنا ساجدة وراكعة لله تبارك وتعالى، لا نفخر بها على أحد، ولكننا نقول: إنها نموذج يحتذى به، يمكن أن أهزم إسرائيل، أقسم لك بالله العظيم أن زوال إسرائيل حقيقة قرآنية نراها وندركها ونحسها ونطبقها عملياً، نحن نواجه الكيان الإسرائيلي والإرادة الإسرائيلية، نحن أقوى منهم بإذن الله تبارك وتعالى، وأقول لك: نحن نرمي ولا نعرف كيف تأتي هذه الرمية، لكن الذي ندركه أن الله تبارك وتعالى يرمي عنا: ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى))[الأنفال:17].
      أقسم لك بالله العظيم أن أحد المجاهدين قال لي: إن العبوة وضعت ومد سلكها وفجرت في أقل من دقيقة، وشاهد الدبابة وهي تنفجر أمامه.
      إذاً .. نحن هنا نعيش في معية الله تبارك وتعالى، نعيش حالة لا يمكن أن يستشعرها إلا من عاشها، أسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا هذا الذي يحدث في ميزان حسناتنا.
      المذيع: دكتور محمود! معي الدكتور سفر يريد أن يطرح عليك تساؤلاً.
      الدكتور: أهلاً وسهلاً!
      الشيخ: حفظك الله يا أخي! المجاهد الأخ الدكتور محمود، في الحقيقة هو ليس تساؤلاً، بل والله لا أريد أن أقطع هذا الكلام الممتع الذي عبر أثره القديم عنه، الحديث عن الثغور له حلاوة، وعليه طلاوة، وله رقة، ويدخل القلوب مباشرة، ويأتي من فم الأخ المجاهد الدكتور محمود معبّراً عن الملايين من المجاهدين الأبطال في الأرض المباركة.
      والذي أحب أن قوله: إن ما تعيشونه من هذه الحمية الإيمانية وهذا اليقين بما عند الله سبحانه وتعالى نحن أحوج ما نكون إليه، انقلوه لنا بأي شكل من الأشكال، الأمة يا أخي الدكتور تعاني من هزيمة، تعاني من إحباط، الأمة لا تدري أنها تعيش مرحلة فجر جديد، مثل هذا الكلام النيّر المشرق نريده أن يتكرر، نريد أن تبلغوه بأي طريقة.
      نريد الإخوة في المجد وغير المجد أن يعطوك ويعطوا الدكتور عبد العزيز والإخوة المجاهدين الآخرين الوقت الأطول لكي تبلغوا هذه الحقائق للأمة وتوعوّن بها؛ لأننا نعيش قضية أحداث، قضية هدم بيوت، قضية هذا يقتل، هذا كذا، هذا كذا..، لا نعيش هذه الرؤى الإيمانية المتكاملة المؤصلة، هذا الذي أحب أن أقوله أخي الكريم وفقك الله.
    3. كرامة الله للمسلمين في فلسطين بالمواليد المجاهدين

      المذيع: دكتور محمود أشرت إلى قضية قتل الأطفال، هناك إحصائية تشير إلى أن عدد المواليد من الفلسطينيين أكبر بكثير من عدد المواليد في الكيان الإسرائيلي، فهل لديك معلومة حول هذا الموضوع؟
      الدكتور: أنا أريد أن أقول لك: إن عدد المواليد الآن الذكور أصبح مختلفاً تماماً عما سبق قبل ذلك، كانت مواليد الذكور قبل الانتفاضة بمعدل (51) أنثى إلى (49) ذكر، اليوم الصورة اختلفت تماماً، القضية أنه ليس فقط أن المواليد زادت، لكن رغم هذا الحصار الاقتصادي الذي لم يشهده تاريخ إنسان، تجد أن الخضار في قطاع غزة برخص التراب، رخصت الطماطم بخمسة شيكل أي: بأقل من دولار تستطيع أن تعيش، يعني هذا الحصار القاتل، وهذا التجويع المتعمد، استئصال (2500) ديلم مرة واحدة في بيت حانون، وبالرغم من ذلك لا تجد صوتاً واحداً يقول: أوقفوا المقاومة، أو لا نريد.....
      هنا تقرب كبير إلى الله تبارك وتعالى، وأنا أريد أن أنقل لك صورة واضحة، وقفت أم محمد فرحات وهي تودع ابنها في شريط فيديو، فأرادت أن تتبرأ من أي رياء في هذا الموضوع فقالت لي -وأنا شاهد على هذا الكلام-: والله أنا لم أحب أن أتصور معه، ولكن ضغطوا عليَّ وذلك حتى لا يظن الناس أنني أفاخر باستشهاد ابني، انظر إلى هذه المرأة، وهي تشكل الآن رمزاً من رموز المرأة الفلسطينية المسلمة التي ترتفع بها هامة الرجال قبل النساء.
      أم محمود العابد تزغرد عندما فقدت ابنها وفقدت أخاها أحد مرافقي الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، عندما نجى الله تبارك وتعالى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، هناك أناس لا نعرف عنهم شيئاً، وغير مرتبطين بالحركة يوزعون الحلوى من النوافذ، يلقونها إلى الشوارع ويخرجون ليزغردوا.
      المذيع: إذاً دكتور محمود نحن معكم قلباً وقالباً، ونسأل الله لكم التوفيق والعون وقد ذكرت في بداية هذه الحلقة أن قناة المجد خصصت برنامجاً مهماً وخاصاً حول هذه القضية الأم الكبرى في حياتنا، وهو برنامج (من فلسطين مع التحية) وقد سبق لكم ولعدد من الإخوة المشاركة في هذا البرنامج، نسأل الله لكم التوفيق، شكراً لكم دكتور محمود.
  8. ملحمة الرعب في إسرائيل

     المرفق    
    المذيع: شكراً جزيلاً للدكتور وأعود لكم، لا زلنا نتحدث عما يشار إلى قضية إسرائيل وسقوطها، ملحمة الرعب، إسرائيل كما يقال: وراء كثير من القضايا، إسرائيل دولة قوية، إسرائيل دولة الموساد، إسرائيل تستطيع أن تقتل أي شخص في أي مكان في العالم، من وقف ضد سياسة اليهود فإنه يصنف تصنيفاً أو تعديداً.. هذا الرعب الذي بدأ يدخل في قلوب الصغار قبل الكبار من علية القوم، ما هو مراد هذا يا دكتور؟
    الشيخ: ينبغي أن نأخذ هذه القضية على أن لها جانبين، الجانب الأول:
    المذيع: وقبل أن أنسى كنت أنوي أن أطرح مداخلة للدكتور عبد الوهاب المسيري لكنه مريض شفاه الله وعافاه، وكان ينوي المداخلة معنا، ولعلي أستغل هذه الفرصة بتذكير الإخوان بالدعاء له فهو في رحلة علاجية.
    الشيخ: أولاً أسأل الله أن يعافي الدكتور عبد الوهاب والإخوة أجمعين، وسأجيبك من خلال الدكتور عبد الوهاب وإن كنت لم أعبر كتعبيره في هذه المسألة فهو رجل متخصص، رجل نذر حياته ووقته وجهده، ومعه فريق علمي لدراسة الفكر اليهودي، وأبدع إبداعات عظيمة جداً، وهذا نوع من الجهاد العظيم، نسأل الله أن يعافيه وأن يحفظه، وأن تكون هذه الأمة دائماً وأبداً على طريق الجهاد بكل ميادينه ومنطلقاته.
    1. الانهيار النفسي لليهود وفشل الدعاية الضخمة

      أقول: هناك حقائق، أن الموساد أو إسرائيل تستطيع أن تفعل أشياء وأن تقتل وتغتال، اغتالت في تونس، اغتالت في عمليات كثيرة تعملها في لندن، في باريس ضد منظمات فلسطينية، إلا أن لها قدراً من الحقيقة، ولكن يجب أن نعلم أن هذا كله يأتي في إطار من الدعاية والتضخيم والتهويل الصهيوني، الآن هذه القلعة أصبحت بيتاً من الورق، عندما نرى الطفل الفلسطيني بالحجر يهاجم الدبابة، القضية ليست أننا نتوقع أن الحجر يدمر الدبابة، القضية قضية هذه الإرادة التي تقف خلف الحجر، هذا الذي يهاجمها؛ بأي نفسية، بأي معنوية؟! هنا بدأت الأسطورة تنهار، وذلك كما ذكر الله تبارك وتعالى وأشرنا قبل قليل، فالكيان اليهودي بدأ ينهار نفسياً، الدعاية كلها الآن لم تعد تؤثر فيه شيئاً، يقرأها على أنها تاريخ، بل إن بعضهم بدأ يمقتها، وأكبر شاعر من شعراء إسرائيل لديه قصيدة رائعة جداً يوجهها إلى مهاجر يريد أن يأتي من أوكرانيا يقول له: يا إسحاق -أنا أنصحك- تريد أن تأتي إلى الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً كما تقول التوراة، ما قيمة اللبن؟ ما قيمة العسل؟ أليس من أجل أن تعيش؟ الحياة هنا معرضة للخطر، العيش هنا خطر.
      المذيع: يعني لا تعش هنا.
      الشيخ: فلا تأتي يا إسحاق، ولا يخدعوك بدعاياتهم، إلى آخر ما قال، وكله كلام مفاده: أنك لا تخدع بالدعاية، وطبعاً ومما لا شك فيه من الإحصائيات العالمية أن أمريكا ويملك اليهود جانباً كبيراً منها، وكذلك بريطانيا تملك أكبر نسبة في العالم من الدعاية، هذه الدعاية حرب وتهويل، ولكن أقول لك عندما تفشل هذه الحرب وتخفق على يد الأم الفلسطينية التي تعاهد الله على أن تنجب وتستمر في الفرح كلما استشهد الابن، وعلى يد الطفل الذي يهاجم الدبابة، وعلى يد المجاهدين كما سمعنا من الدكتور عبد العزيز والدكتور محمود اللذين لو أنك تقرأ لهما وأنت لا تعرف أنهما يتكلما أو تظن أنهما ليسا قادة لظننت أنه خطيب جمعة يخطب عن الكرامات، فهذه هي الكرامات، كرامة هذه الأمة على الله.
    2. الاستشهاديون يرعبون أشباه الحمير

      أشير إلى قضية مهمة قد يغفل عنها كثير من الإخوة: الله تعالى عندما اختار محمداً صلى الله عليه وسلم ونقل النبوة والوحي من ذرية إسحاق إلى ذرية إسماعيل، عندما حول القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام إلى الكعبة، والجمعة تحولت من السبت إلى الجمعة هذه لها دلالات، يأتي في سياق هذه الدلالات في سورة الجمعة، السورة التي جاءت لتبين فضل هذه الأمة الأمية، ومن بعث فيها على الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها، وضرب الله تعالى لهم أسوأ مثل وهو مثل حمار، ماذا أعقب ذلك: ((قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ))[الجمعة:6] من هي الأمة التي تقدم الاستشهاديين؟ الأمة الإسلامية، إخواننا الفلسطينيين.
      نتحدى شارون أن ينشأ فرقة استشهادية وتعمل في غزة أو في رفح أي: في خلية هي جحر الزواحف، التي هي المثلث الخطير: طول كرم وما حولها التي لا تبعد عن البحر إلا (11كم)، مثل أن تقطع إسرائيل قسمين، نقول: نحن الأمة التي تحب الشهادة وتتمنى الموت وتُقدم عليه فهي الأمة الجديرة بالكرامة.
      وهنا تأتي هذه الكرامات، ولا نظير لها في حرب فيتنام، ولا في حرب التحرير في أمريكا الوسطى أو دول أخرى، ولا في دول أفريقيا ولا في ..، حرب من نوع آخر وتحرير من نوع آخر؛ لأنها جهاد في سبيل الله، لأنها كرامة من الله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك أنا أقول لكل إخواننا المسلمين في الأرض المباركة وفي غيرها: والله إنها ستأتي الأجيال القادمة بعدنا تتمنى أنها عايشت هذا الوضع وهذا الحال، وأنه كان لها الشرف أن تقاتل أعدى أعداء الله، وأن تساهم في قتالهم بأي شكل من الأشكال، لأنه شرف عظيم قد لا ندركه الآن، ولكن ندركه بإذن الله عندما تأتي بشائر النصر، فهذه فرصة واختيار وتكريم.
      الله تبارك وتعالى اختار إخواننا المجاهدين في هذه الأرض المباركة، واختار هذا الشعب الذي تميز بالذكاء وتميز بالبديهة وتميز -كما سمعنا- بأن يخلق من المشكلة فرصة، الشعب الذي يخترع ويبدع ما لا تستطيع روسيا ولا أمريكا أن تصنعه إلا بمساحات هائلة، وهو مع ذلك أنتج مواداً -كما قرأنا من كلام اليهود، وهذا كلام أخذناه من الإعلام الصهيوني مباشرة بعض المواد التي أنتجت- من أقوى مفجر في العالم، ولو أن أمريكا بنته لاحتاجت إلى معمل ضخم جداً في إحدى الصحاري أو خارج كاليفورنيا أو هكذا، ومع ذلك هم ينتجون هذا.
      دمروا أقوى دبابة في العالم، أسقطوا طائرة (إفـ16) بوسائل...، هنا يأتي هذا في سياق كرامة الله للأمة أنها أمة مكرمة، أمة مختارة، فالأمة المختارة الإسلامية اختار الله منها هذا الخيار: إخواننا المرابطين على الثغور، وكما سمعنا من إخواننا المرابطين الأفذاذ هم خيار من خيار، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينصرهم.
    3. المقصود بالذلة والرعب المضروبة على اليهود

      المذيع: تقولون يا دكتور: إن الذلة فرضت على اليهود بينما هم أقوى دولة، تقولون: إن اليهود عرفوا بالرعب بينما هم الآن يستطيع الواحد منهم أن يتحكم في سياسة العالم، تقولون بأن اليهود هم أهل نقض للعهود والمواثيق بينما أبرموا اتفاقيات مع عدد من الدول ولم تنقض، قضايا تطرح؟
      الشيخ: لا تعارض بين أن يكون أحدٌ ما قوي جداً والرعب في داخله، فمملكة كسرى وقيصر كانت أقوى قوة، ودكتها جيوش الإسلام بأقل عدد.
      المذيع: الذلة التي ذكرت في الآية هل هي ذلة عامة يا دكتور؟
      الشيخ: الذلة المضروبة على اليهود أنت تقرؤها في قسمات وجوههم، وتراها في حركاتهم.
      المذيع: ليس المراد بالذلة أن تكون ظاهرة واضحة؟
      الشيخ: بل ظاهرة واضحة في كل حياتهم (( إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ ))[آل عمران:112] مثال: إحد الإحصائيات تقول: لإسرائيل لو قسمت التبرعات الأمريكية كل فرد إسرائيلي على (14) ألف دولار سنوياً.
      إسرائيل تستعين بـأمريكا عسكرياً، وبها في مجلس الأمن أمام العالم، وفي أي مكان لا تستطيع أن تقف وحدها.
      أما الرعب فله عدة أمثلة، يقولون: حادث عوفرة -وما هي قصة حادث عوفرة - أخ مجاهد قتل عشرة من اليهود منهم سبعة بكامل سلاحهم وهو يطلق فيهم واحداً واحداً، الوجوم أصابهم فلم يستطيعوا أن يتحركوا.
      حادث آخر في الحمراء: أخ اقتحم مستوطنة وقتل وفعل كل شيء والجنود واجمون، يقولون: لم يبلغوا القيادة حتى مجرد بلاغ فقط، لأني وصلت إلى وجوم شديد أنظر وأرى كل شيء ولا أستطيع أن أتكلم ولو بجملة.
      وهناك جندي آخر انبطح تحت السيارات حتى خرج المجاهد.
      وقس على هذا حالات كثيرة جداً، يقولون: الكلاب اليهودية، ونقلوا عن طبيب بيطري يهودي أنه أخذ يعالج الكلاب، يقول: أصبحت هذه الكلاب من نوع فيشر الألماني وغيره في حالة غير طبيعية؛ لأنها تسمع الرصاص، وجو الحرب، وجو الذعر.
      الذل مضروب عليهم، فالدبابة الحصينة الضخمة (ميركافا) ولكن الذي يعيش داخلها يعيش هلعاً وذعراً ورعباً، وكان هذا الرعب موجوداً قبل أن ينجح المجاهدون في تدميرها، أما الآن وقد نجحوا كما تفضل الدكتور، فالآن الإخوان يستطيعون أن يدمروا هذه الدبابة.
  9. الدكتور الهندي والتقارب بين حركات المقاومة

     المرفق    
    اتصال هاتفي: الدكتور محمد الهندي أحد قادة حركة الجهاد.
    المذيع: دكتور! أهلاً بك، ونحن سعداء بسماع صوتك معنا في هذا البرنامج، ومعي في الاستديو فضيلة الدكتور سفر الحوالي، نحن نتحدث عن الانتفاضة المباركة، ونود من خلالكم أيها الدكتور أن أتحدث عن جزئية مهمة ألا وهي: شمولية المقاومة، التنسيق بينكم وبين كتائب الأقصى، نلحظ أن هناك شمولية رائعة تستحق الإشارة والإشادة، لعلكم تتحدثون عن هذا الجانب لأنطلق معكم لأكثر من جانب.
    1. حركات المقاومة في خندق واحد

      الدكتور: أولاً: تحيتي لكم ولفضيلة الدكتور الشيخ سفر الحوالي، وهو بدون شك علم مميز من أعلام الأمة الإسلامية، ونرجو من الله أن يكون نضالنا وجهادنا متواصلاً ومتكاملاً ليس فقط في داخل فلسطين، وعندما نتحدث عن شمولية المقاومة نحن نعني بالمقاومة بكافة أشكالها وهي ليست مقتصرة على الفلسطينيين وإنما هي مع كل الأمة الإسلامية، ونحن هنا نعتبر أنفسنا في الخندق الأول للدفاع عن المقدسات وعن كرامة وشرف الأمة، ونعتبر المجاهدين في فلسطين الجدار الأخير الذي يصمد أمام المخططات الاستعمارية والصهيونية التي تستهدف ليس فقط القضاء على فلسطين وعلى الفلسطينيين وعلى الانتفاضة الفلسطينية، وإنما استباحة كل المنطقة العربية والإسلامية أمام مخططات شارون وبوش أمنياً واقتصادياً واستخباراتياً.
      وهم أطماعهم كبيرة جداً، ولذلك فإن شمولية المقاومة صحيح أننا هنا بين سرايا القدس التابعة لـحركة الجهاد الإسلامي وشهداء الأقصى وقع الكثير من العمليات المشتركة، باعتبار أن أحد كرامات الانتفاضة أنها استعادت جزءاً كبيراً من حركة فتح، وعلى رأسهم شهداء الأقصى إلى خندق المقاومة، الذين أوشكوا أن يذوبوا في مخططات أوسلو ولكن شمولية المعركة أيضاً تميزت بعمليات مشتركة، وآخرها العملية المشتركة التي كانت ثلاثية بين سرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي، وكتائب عز الدين القسام التابعة لـحماس، وشهداء الأقصى التابعة لـحركة فتح، وكانت هذه عملية مميزة وهي آخر عملية استشهادية تقريباً، وكانت في قطاع غزة.
      نحن هنا في خندق واحد نتعاون فيما بيننا، فرّقنا الخلافات السياسية التي جاءت مع أوسلو ومع خارطة الطريق الآن، ولكن اجتمعنا على الدم الفلسطيني وتجذّرت علاقتنا في خندق المقاومة، وهذه ليست المرة الأولى، فنحن منذ عام (1948م) وقبل ذلك كان الشعب الفلسطيني يتوحد في خندق المقاومة والجهاد ويتفرّق عندما تأتي المؤامرات السياسية التي تريد محاصرة ومصادرة إرادة المقاومة عند الشعب الفلسطيني.
    2. انتشار العيادات النفسية الإسرائيلية بسبب الانتفاضة

      المذيع: دكتور! أيضاً معي مجموعة من النصوص وأريد أن أسألك بحكم قربك: ذكر الدكتور سفر مجموعة من النصوص التي تتعلق بالرعب الذي دب في نفوس الإسرائيليين، مثلاً: يقول دبلوماسي يهودي أمريكي: أوضحت الانتفاضة جهلنا بالعرب، وعدم معرفتنا بمدى مقاومتهم وتضحياتهم، ويضرب مثالاً على ذلك يقول: مجرد دخول جريح إلى مستشفى للعلاج يؤثر على المعالَجين داخل المستشفى، وبالذات ارتفاع نسبة مراجعات المستشفيات المتعلقة بالأمراض النفسية في الأوساط الإسرائيلية.
      هل لمستم شيئاً واضحاً من هذا في الكيان الإسرائيلي؟
      الدكتور: هناك تقارير تخرج عن الكيان الصهيوني تتحدث عن العيادات النفسية التي أصبحت منتشرة، والأدوية النفسية التي يتعاطاها المجتمع الإسرائيلي، وأوضّح هنا بعض الأمثلة:
      الآن نحن المجتمع الفلسطيني نعاني، ولكننا ندفع ضريبة الحرية والكرامة، وجبلنا على المعاناة وعلى شظف العيش منذ فترة طويلة، لذلك عندما نضحي وعندما يُستشهد أبناؤنا، وعندما نعتقل كأن المسألة أصبحت شيئاً عادياً في حياتنا، لا يكون هناك ارتباك كبير داخل المجتمع الفلسطيني، ولكن عندما بدأت العمليات الجهادية وخاصة الاستشهادية داخل فلسطين المحتلة عام (1948م) كانت تضرب مفاصل المجتمع العبري؛ لأنهم أتوا من الغرب وأتوا من أمريكا من أجل رفاهيتهم، من أجل أن يعيشوا حياة الرغد والرفاهية، فعندما يصبح أمنهم مهدداً، وعندما لا يستطيعون أن يركبوا الحافلات، وعندما لا يستطيعون أن يذهبوا إلى الأسواق وهكذا، فهذا ضرب مفاصل المجتمع الصهيوني في مقتل، ولذلك كان هناك ما تتحدث عنه وسائل الإعلام الصهيونية تتحدث عن هذه العيادات النفسية وغير ذلك.
      وأنا أذكر لك حفيدة ديجر كانت تعيش في تل أبيب فأخذت أبناءها وخرجت، والآن تعيش في حي بروجلم، وتقول في مقال لها: أعرف أن جدي يتقلب في قبره من سوء ما فعل، لكن ماذا أفعل؟ لدي أبناء وليس هناك أمن في إسرائيل، هذه القصة تلخص الحالة التي يعيشها المجتمع الصهيوني.
      لكن نحن في المقابل لا نعيش هذه الحالة، صحيح أننا دفعنا تضحيات وعددنا شهداء ثلاثة أضعاف ما كان من القتلى في الجانب الصهيوني، ولكن كان يتقدم مع كل شهيد مئات وعشرات من أصدقاء الشهيد ومن عائلة الشهيد ومن حي الشهيد؛ من أجل أن يلحقوا بهذا الشهيد، وانظر إلى أي مكان يكون فيه تصعيد صهيوني كبير يكون هناك إصرار على المقاومة أكبر.
      مثلاً: مخيم جنين عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية والدبابات والطائرات وقصفت ودمرت وقتلت هذا العدد الكبير، خرج أشبال جنين ليلاحقوا الدبابات الإسرائيلية بالحجارة! ولم يتمكن الجنود الصهاينة حتى فترة طويلة من النزول من دبابتهم إلى شوارع جنين، فيما عناصر أخرى لم تقاوم كانوا خلال أيام يسيرون على أقدامهم في الشوارع، أي إذا كان هناك تجبّر أكبر وقتل أكبر يكون هناك استعداد للاستشهاد أكبر من قبل الشعب الفلسطيني.
    3. العمل الاجتماعي للمقاومة بعد الانتفاضة

      المذيع: دكتور محمد نحن نتحدث حقيقة عن الانتفاضة وخصصنا الحديث عنها، لكن لا أريد أن أنسى جزئية مهمة في زخم حديثنا عن هذا الموضوع، أن نشير إلى العمل الجماعي أيضاً في فلسطين، هل هناك تنسيق بينكم من أجل التركيز على هذا العمل وعدم إغفاله في زحمة العمل الجهادي والانتفاضة؟
      الدكتور: هذه نقطة مهمة في الحقيقة؛ لأن القضية الأساسية أن يتحسس المجاهد هموم الشعب الفلسطيني، ويتحسس آلام الشعب الفلسطيني، ويخدم أبناء الشعب الفلسطيني، حتى يكون محترماً ومقبولاً، فنحن في الجهاد الإسلامي كما أريد أن أوضح الفكرة المأخوذة عنا كأننا مجموعة عسكرية جهادية مقاتلة فقط، وهذه الفكرة عكس الواقع تماماً، ربما نحن الفصيل الوحيد الذي بدأنا مشروعاً سياسياً وفكرياً واجتماعياً قبل أن نطلق النار، أي: بدأنا مثلاً في نهاية السبعينات ومع بداية الثمانينات، وكان كل النشاط للجهاد الإسلامي، كله (100%) من النشاط كان عبارة عن نشاط دعوي ونشاط اجتماعي ونشاط تعليمي ونشاط صحي، وربما نكون أكثر فصيل نشرنا أدبيات، وحتى (1984)م عندما بدأت أول عملية عسكرية، وحتى الآن في هذه الانتفاضة لنا من الجمعيات ومن المؤسسات التعليمية الصحية الكثير التي نخدم فيها أبناء شعبنا، ولذلك نتقدم حتى في استطلاعات الرأي التي تجريها السلطة تقدماً كبيراً لـحركة الجهاد الإسلامي، ربما الآن تضاعف عن الفترة السابقة قبل حوالي مثلاً خمسة أو ستة أشهر.
      أي: أصبحت حركة الجهاد الإسلامي ثالث الفصائل الفلسطينية بعد فتح وحماس في استطلاعات الرأي وفي انتخابات المجالس المحلية وفي الجامعات وفي غيرها، ولذلك فصائل المقاومة الفلسطينية وخاصة المقاومة الإسلامية من المفترض أن تعطي اهتماماً كبيراً لخدمة المجتمع الفلسطيني؛ لأنه هو أساس عملنا، وهو الوسط الذي نعيش فيه ونعمل فيه.
    4. نصيحة لحركة حماس والجهاد الإسلامي

      المذيع: دكتور محمد ! مع الدكتور سفر يريد أن يطرح سؤالاً عليك؟
      الشيخ: أولاً: حقيقة أنا سعيد جداً بك كما سعدت بشقيقيك المجاهدين، وأنت المجاهد الثالث وفقك الله، ولو لم يكن في هذا اللقاء الحسن إلا أن أسمعكم مباشرة فهذا هو الشرف الكبير لي، وأسأل الله أن يوفقكم ويبارك في جهودكم.
      والذي أريد أن أقوله حقيقة: كلا الحركتين: حركة حماس وحركة الجهاد، هما شيء واحد وهدف واحد وعمل واحد، وأنا أؤكد ما ذكرته من نشأة العمل أو نشأة حركة الجهاد كحركة دعوية، في الحقيقة هذا شيء أنا كنت أعاصره وأعيشه -كما تفضلت- وإخواننا في حماس هم بلا شك امتداد لحركة دعوية، والكل في النهاية نحن امتداد لحركة دعوية كبيرة وشاملة على مستوى الأمة.
      الذي أريد أن أقوله وأشكركم عليه: إن قلوب المسلمين جميعاً والله سرت وسعدت وفرحت بأن تجدكم تعملون إخوة أشقاء متساندين متعاونين، وأوصيكم كل الوصية بقدر ما أستطيع أن أعبر أو لا أستطيع من كلمات أن تكون أخوتكم دائمة، وأن تتعاونوا، وكما تفضلت: أنتم في خندق واحد، أنتم والله تفرحوننا كلما نشعر أنكم يداً واحدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {المسلمون يدٌ على من سواهم} فيدخل في ذلك كل مسلم فضلاً عن الحركتين التي أقول: إنهما أغلى جوهرتين في تاج الأمة الإسلامية، الذي هو الجهاد وذروة سنامها هما: حركة حماس وحركة الجهاد، وهما في الحقيقة وكما نرجو أن تكون حركة واحدة، لكن من باب اختلاف التنوع، أرجو أن تستمروا بإذن الله في كل أنشطتكم الدعوية، وأن يبارك الله لكم وأن يوفقكم.
      المذيع: شكراً لك يا دكتور محمد.
      الدكتور: شكراً وبارك الله في الشيخ الدكتور سفر الحوالي، وإن شاء الله سنكون عند حسن ظنه، وسيكون هذا الكلام دافعاً لنا، ونحن الآن وبلا شك بيننا تنسيق كبير، وبيننا تفاهم كبير، ولقاءات مستمرة في الداخل والخارج، وإن شاء الله تتطور؛ لأن وحدة العمل الإسلامي مطلب استراتيجي، وأيضاً هو تكليف شرعي، وسنعمل جهدنا حتى نتوحد، وتتوحد جهود المسلمين كلها في خندق المقاومة والجهاد في فلسطين، التي تشكل اليوم أهم الحلقات من المؤامرة الأمريكية، مؤامرة الأعداء، وبالذات كما نفهم القرآن الكريم وكما نفهم التاريخ أن الحضارة اليهودية مرتبطة ارتباطاً عكسياً بالحضارة الإسلامية.
      المذيع: شكراً لكم دكتور محمد الهندي أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي.
    5. ارتباط الأمن الفردي بالقومي في إسرائيل

      المذيع: نعود إلى موضوعنا يا دكتور: كنا نتحدث عن الرعب.
      الشيخ: الحقيقة أخي الدكتور محمود أشار إلى نقطة مهمة، مستويات الأمن التي ذكرها، أريد أن أضيف شيئاً لإيضاح الصورة:
      الأمن الشخصي في أي دولة في العالم هدف، والأمن القومي هدف آخر، وهما متكاملان، لكن إسرائيل لها حالة شاذة، خذ مثالاً على ذلك:
      في بريطانيا عندما يتحرك جيش تحرير إيرلندا في أعمال تخريبية في لندن، ترتبط هذه القضية بالأمن الشخصي للبريطانيين بالدرجة الأولى، أي: ليس هناك تخوف على وجود بريطانيا ككل من هذا الجيش، إنما التخوف هو على مجموعة مارين يصابون أو أهداف مدنية تدمر أو شيء من هذا، وليس كذلك إسرائيل. فالأمن الشخصي مرتبط ارتباطاً وثيقاً جداً بالأمن القومي، أو بالعكس: الأمن القومي مرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن الشخصي.
      بمعنى: أن هذا الفرد تعبنا عليه حتى يأتي، والدعاية كلها من أجله، والمستوطنات تبنى من أجله، كل شيء من أجله، فلو خاف أو هرب أو ارتد فمعنى ذلك أن الكيان كله تفكك، ما هو الكيان؟ لا وجود لشيء اسمه إسرائيل وإنما هم مجموعة هؤلاء الشذاذ جاءوا من كل أفق فتجمعوا وتشكلت ما يسمى دولة إسرائيل، فإذا هؤلاء الشذاذ كل منهم شعر بالرعب أو ارتد، فهذه نهاية الكيان.
      فالأمن القومي إذاً سقط وليس الأمن الشخصي.
    6. ظاهرة الهجرة من إسرائيل وجماعة الشجاعة في الرفض

      قضية أخرى: الذين يعيشون في الأحياء الراقية شمال تل أبيب، الذين يعيشون في حصانة وتحت أجهزة إنذار راقية هم الذين يهاجرون، هاجرت من أسرة بيجر وهاجر ابن بنيامين إلعيرز، وهاجرت ابنة رابين او ابنه، وآخر شيء ابنة المفكر اليهودي العربي المعروف: آينشتاين، هاجرت وهي تقول: هذا بلد لا يمكن أن نقيم فيه.
      لاحظ! رغم توفر جميع وسائل الحماية، المستوطنات هذه غريبة جداً ولو كان عندي خريطة لشرحت للإخوة.
      تتعجب كيف تبنى هذه المستوطنة، وكيف تحاط بالطرق، ثم يُعمل طرق التفاتية، ثم طرق على الطرق، فهي عمليات عجيبة، واحتياطات من أجل روح هذا المستوطن، والمستوطنون هم أصلاً مدربون على القتال، لديهم سلاح ومحروسون، وهناك عبارة تقول: كل شعوب العالم تملك جيشاً إلا إسرائيل جيش يملك شعباً.
      هذا المستوطن ابنه يذهب إلى المدرسة محاطاً بالدبابات ويرجع وهو محاط بالدبابات، ويذهب إلى السوق والمقاهي محاطة بالدبابات، فكيف تتخيل حالة هذا الرعب؟ ثم في لحظة من اللحظات وإذا بالمجاهدين يقتحمون المستوطنة فهذا الذي يصيبه الوجوم، وهذا الذي يسقط ويتهاوى، كيف تكون الحياة؟
      إذاً: هذا مجتمع رعب حقيقة، وكثير من الأحداث تحدث عنها بعض اليهود، وكأنك تستمع إلى فيلم من الأفلام من هول الصدمة، ويقول أحدهم: لا يوجد دولة في العالم يموت فيها اليهود يومياً إلا في إسرائيل.
      المذيع: حتى شكلوا حركة الشجاعة في الرفض.
      الشيخ: نعم لقد أتيت بنقطة مهمة جداً، ما معنى الشجاعة في الرفض؟ لماذا؟ لو أن جيشاً قاتل جيشاً فخسر مائة قتيل أو ألفاً فذلك أمر عادي، وهكذا المعارك، وتلك الأيام نداولها بين الناس، لكن لو أن جيشاً يجتمع مائة أو مئات ويصلوا إلى ألف ويوقعون عريضة مضمونها ألا نعمل ونرفض الخدمة، فهذا دليل على انهيار معنوي خطير جداً.
      كل جيوش العالم في الحقيقة إنما تقاتل بالروح المعنوية وليس مجرد القضايا المادية، والقوى المادية تؤثر بلا شك، ولكن الروح المعنوية هي الأصل، والشجاعة في الرفض حركة أنشأها مجموعة من الضباط، وهي أول مرة في تاريخ إسرائيل، وذعر منها اليهود ذعراً شديداً.
      وأشد من هذا الذين يتظاهرون الآن -تظاهروا قبل أشهر- يطالبون بانسحاب الجيش اليهودي من الضفة والقطاع، وكان يتزعمهم إيهود باراك وهو قائد سابق ورئيس وزراء سابق.
      إذاً: وصلت القناعات إلى مستوى لا يمكن أن نتخيل أن تصل إليه القناعة.
      أيضاً: هناك حركات منشقة: حركة السلام العام، أو حركات اليسار عموماً في إسرائيل متضعضع ومنقسم، كل هذه العوامل تدل على أن الانتفاضة فعلاً جاءت إلى هذه القلعة المليئة بالكنوز وبالأمن والرخاء والرفاهية ولكنها تصدعت، وسوف تتهاوى بإذن الله تبارك وتعالى.
  10. كيف يبرز إعلام إسرائيل الرعب ويبرره

     المرفق    
    المذيع: كيف يبرر الإعلام الإسرائيلي مثل هذا الرعب، هل له تبرير معين، أم أنه لا يعلن حتى لا يؤثر في نفسيات الشعب؟
    الشيخ: في الحقيقة أقول لك: الإعلام اليهودي إعلام حر، وبإمكان أي شخص أن يفتح موقع أيديعوت أحرنوت وغيره، أو أي صحيفة باللغة العربية مترجمة وتقرأ مقالات، وأذكر إحدى المقالات وكاتبها مشهور؛ أكد بشيء طريف جداً، يقول: عندنا دولتان: دولة إسرائيل ودولة شارون -العنوان هكذا- كان هناك دولة شرق أوسطية ديمقراطية غنية.. إلخ اسمها دولة إسرائيل، والموجود الآن دولة شارون، ودولة شارون تعاني من البطالة.. من الخطر.. من الخوف.. من الفقر.. من المحسوبية الشخصية، من احتكار الرأي، من أشياء كثيرة..
    وبمثل هذه الصراحة، تكلم كتّاب الحقيقة، وأنا نقلت في الكتاب عن مجموعة منهم من أصحاب الأعمدة المشهورة الذي تقريباً كل مواطن في إسرائيل لا بد أن يقرأ لهم، يتكلمون بحرية، الاستقطاب الشديد في المجتمع الإسرائيلي في إمكانك أن تقرأ من خلاله.....
    يمكن أن تدخل مثلاً على موقع السلام العام فتجد أن هناك نواباً في الكنيست الإسرائيلي ومطالب، ويأتون بمبررات توجب أنه لا بد من السلام، وأن أي مشروع للمقاومة فاشل وخاسر، بل إن اليسار نفسه انشق على شارون، المجتمع الإسرائيلي بقدر ما فيه من حرية وانفتاح وديمقراطية أتاح لنا فرصة أن نقرأه من داخله.
  11. الكتاب والسنة مرجع المسلمين ومصدر النصر

     المرفق    
    المذيع: أنا عندي مواضع عديدة والوقت يداهمني فاسمح لي أن أطرح بعضها بسرعة، نحن أشرنا إلى أن اليهود ينقضون العهود، هذا هو الطرح الإسلامي بموجب النصوص، الطرح الآخر يقول: هذه النصوص نزلت في وقت معين ويقصد بها شيء معين، واليهود الحاليين يوقعون اتفاقيات وتستمر هذه الاتفاقيات وفقاً لمصالح دولية كما حصل مع مصر مثلاً؟
    الشيخ: الحقيقة بما أننا ذكرنا هذا فيجب أن نذكر إخواننا المسلمين بأن رجوعنا إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أساس النصر في كل ميدان، أولاً على أنفسنا، وثانياً على أعدائنا، وهذه المعركة مع اليهود إذا رجعنا إلى كتاب الله نجد لها معالم تفسر لنا الموضوع، وأنا في هذا الكتاب أو (الكتيب بالأحرى) جعلت لكل فصل عنوان جزء من آية وأغلبها آيات تتكلم عن اليهود بالذات، لأننا لو رصدنا كل أعمالنا أو خرائط طريقنا أو أي شيء من خلال القرآن؛ فلن نضل ولن نشقى أبداً، لا مع أمريكا وهي العدو الأكبر الآن ولا مع إسرائيل.
    نعم عندما يذكر الله سبحانه وتعالى نقض اليهود: ((أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ))[البقرة:100] اليهود في الحقيقة ينقضون المواثيق وهذا أمر مشهور، لماذا لم ينقضوا اتفاقية كامب ديفيد مع مصر؟ هل هي وفاء أم التزام بالمواثيق؟ لأن اليهودي عندما يوقع عقداً مجحفاً مع خصمه مربحاً له من كل الوجوه فلماذا ينقضه؟
    فمساحة سيناء أكبر من أرض فلسطين مرتين أو ثلاث مرات، وهي الآن منطقة معزولة من السلاح، ثم إخراج أكبر جيش عربي وأكبر دولة عربية من دائرة الصراع وتتحول إلى وسيط، وهو دور مصر الآن، دور وسيط بين السلطة أو بين الإخوة المجاهدين في الفصائل الإسلامية وبين إسرائيل.
    لكن انظر عندما تنجح المقاطعة الاقتصادية في القاهرة، عندما يسعى السفير الإسرائيلي بأنه غريب شاذ في القاهرة، كيف لو كان هذا قريباً من الحدود؟ إذاً إسرائيل لا تنقض العهد أو اتفاقية تعطيها مثل هذه المكاسب الضخمة!
    المذيع: معي أكثر من قضية: ((وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً))[الأعراف:168] أنت أشرت إليها في كتابك لكن الملاحظ الآن أن اليهود عندهم تكاتف كبير، بل إنهم يملكون رءوس الأموال العالمية، ويدعمون بعضهم، وتقام مؤسسات ضخمة لدعم توجه الهجرة إلى اليهود؟
    الشيخ: التقطيع في الأرض هو أحد العقوبات، أي: منها المسخ، وأن يكونوا قردة وخنازير، ومنها تسليط العدو كما سلط عليهم في تاريخهم القديم والوسيط والحديث، ومن ذلك أيضاً التقطيع في الأرض، والتقطيع في الأرض لا يعبر عن مرحلة انتهت فقط، بل هو حالة الآن نعيشها، بمعنى: أن هؤلاء الذين يعبر عنهم بالمرتدين أصبحوا يشكلوا نسبة (20%) وهم النسبة الأثرى.
    مثلاً: يأتي مهاجر من روسيا، وكما قلت فإن إسرائيل دولة عنصرية لا تقبل اليهودي الروسي لأنه يهودي بل لا بد أن يكون مهندساً أو طبيباً أو كذا في الأصل، يريدون النخب، وكلما كان له خبرة أكثر في صناعة الأسلحة هو أفضل طبعاً، يأتون به فيأتي فلا يقيم إلا أشهراً، أو يعمل حتى يستطيع أن يحصل على تذكرة حتى يسافر إلى أمريكا، ففي النهاية أصبحت إسرائيل مجرد جسر أو معبر ما بين الاتحاد السوفييتي السابق وبين أمريكا أو بريطانيا أو الغرب.
    حتى قال أحدهم: إن إسرائيل تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، لكن لا كدولة وإنما كأفراد؛ لأن الطائرات تأتي محملة يومياً، تروح بطاناً وتعود خماصاً، بالعكس، بمعنى تأتي فارغة وتعود ممتلئة، وبعضهم يخرج للسياحة ولا يعود، هناك (40 أو 60%) كما يقول الإعلام لا يعودون، هذا التقطيع يحصل في دولة إسرائيل الآن.
    المذيع: مستقبل الانتفاضة في نظرك هل هو مستقبل حافل؟
    الشيخ: بإذن الله تبارك وتعالى، وكما سمعنا من القادة الثلاثة المجاهدين الأبطال فأنا واثق، وعندي ثقة مطلقة بإذن الله تبارك وتعالى ستكون هذه الانتفاضة منتصرة، نعم. هناك مصاعب كبيرة أشار إليها الدكتور عبد العزيز، وهناك مشكلات قد تتوقع وبالذات من ناحية أمريكا، لكن هذه الأمة من طبيعتها أنه كلما اشتدت أزمتها انفرجت.
    النصر على الصليبيين لم يتحقق إلا عندما أصبحت أوروبا تتكتل، حتى يقول المؤرخون: كانت السفن تمتد ما بين عكا إلى صور كأنها منظار، أو كأنها حلقة، سلسلة.
    المذيع: على كل حال يا دكتور أنا أشكرك، وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء، وكنا نتمنى أن نتعرض لموضوع مهم، وهو واجبنا نحن نحو الانتفاضة، لكن لعله وعد يكون مساهمة منك في برنامج: (من فلسطين مع التحية) ولو عبر الهاتف، مع إخواننا ما واجبنا نحو هذه الانتفاضة؟
    شكراً لضيفنا الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي ونسأل الله أن يجزيه خير الجزاء.