المادة كاملة    
شهد العالم مؤخراً أحداثاً كبيرة غيرت كثيراً من السياسات والمفاهيم والأنظمة. وهذا اللقاء يسلط الضوء على هذه الاعتداءات، والنظرة الشرعية إليها، وأسبابها وحقائقها، ابتداءً من أحداث (11) سبتمبر، إلى تفجيرات الرياض والدار البيضاء. وقد أوردت هذه المادة -إضافة إلى ما سبق- توضيحاً لدور الحملة العالمية لمقاومة العدوان.
  1. المتهم في تفجيرات الرياض والدار البيضاء

     المرفق    
    ....... طيّب الله أوقاتكم وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج الكلمة الفاصلة.
    بدأت الكلمات تبرز هنا وهناك حول ما يقوم به تنظيم القاعدة من استهداف للمدنيين، هل هو جهاد كما يدعون، أم هو إرهاب كما يدعي من يخالفونهم؟
    حول التفجيرات الأخيرة التي وقعت في العاصمة السعودية الرياض، وما هو موقف الإسلام منها أستضيف الليلة الشيخ الدكتور سفر الحوالي، وهو مفكر إسلامي معروف، ورئيس سابق لقسم العقيدة في جامعة أم القرى، وسوف نتطرق في حديثنا معه إلى الحملة العالمية لمقاومة العدوان، والتي يتولى أمانتها، وقبل أن نبدأ بالحديث نتوقف مع هذا التقرير...
    المذيع: شيخ سفر! أهلاً بك ضيفاً على برنامج الكلمة الفاصلة.
    شيخ! لو نبدأ من النهاية: الانفجارات الأخيرة التي استهدفت العاصمة السعودية الرياض، بعد انفجارات استهدفت مدينة الدار البيضاء في المغرب اتجهت الأصابع إلى تنظيم القاعدة، وبالفعل اتهم رسمياً تنظيم القاعدة بأنه خلف العملية، والقاعدة كما نعلم أكدت مراراً بأن تلك التفجيرات التي تستهدف الأمريكيين من باب الجهاد، أنت في رأيك: هل ما تقوم به القاعدة الآن جهاد؟ هل هو من الإسلام في شيء؟
    الشيخ: أولاً نقول: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: قبل كل حديث ينبغي أن نذكر أنفسنا وإخواننا جميعاً وأنت منهم، نحن كلنا في حاجة قبل كل شيء إلى الوصية الجامعة المانعة التي ذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ))[النساء:131].
    فنحن أحوج ما نكون إلى أن نتقي الله تبارك وتعالى، وأن نربط كل الأحداث والوقائع بمقدار موقعنا وحالنا من تقوى الله عز وجل، هذا الحادث أداء سلسلة من حوادث، وهو يأتي في سياق واقع ومناخ عالمي ومحلي من الاضطراب، وهو في الحقيقة لا ينفصل بأي حال من الأحوال عن حالنا وعن واقعنا مع الله تبارك وتعالى، ومع كتاب الله، ومع اتصالنا بحبل الله الذي أمر الله تبارك وتعالى به وعدم تفرقنا.
    أنا الحقيقة لا أملك معلومات ولم أسمع أن جهة رسمية اتهمت تنظيماً معيناً لا في المغرب ولا في الرياض، ولم أسمع أن تنظيماً معيناً أعلن مسئوليته، وأنا أتكلم في حدود معلوماتي، كل الذي يهمني أن أقوله: إن العمل أياً كان فاعله فهو مدان، وهو منكر، لا أريد أن أستبق الأحداث، فأنا ومجموعة من إخواني العلماء والمشايخ الأفاضل وفقهم الله، نعد بياناً قد يصدر الليلة أو غداً لا أدري بالضبط، لكن هو تحت الإعداد، وفيه توضيح لحقائق كثيرة جداً عن هذا الموضوع.
    والشيء -في الحقيقة- الذي يؤلمني ويؤسفني أن أسجله هنا: أن هناك ناعقين ينعقون بما يردده أعداء الإسلام في الخارج من اتهام لهذا البلد ككل، الآن البلد كله متهم، كياننا كله متهم، عقيدتنا متهمة، الولاء والبراء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مناهجنا التعليمية تتهم من قبل أعداء الله، ثم يأتي ناعقون أو ناعبون من أبناء هذا البلد من أبناء جلدتنا ويعيدون ويكررون ما يقوله أولئك، ويضعون بلدنا وأمتنا وأبناءنا كلهم في موضع التهمة.
    نحن يجب أن نعزل الحادث ومن فعله، ونعالج أسبابه ودواعيه، ولا شك عندي أن شبابنا في هذه البلاد أحوج ما يكونون إلى أن تُعالج أمورهم من جميع الجوانب، نقول: نحمد الله أن الفئة التي قد ترتكب مثل هذه الأعمال هي قليلة جداً جداً بالنسبة لمجموعهم ومجموع المشكلات التي يعاني منها هذا الشباب.
    المذيع: يا شيخ! لكنك لم تجبني على سؤالي وهو: إن القاعدة -كما أعلن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز- هي التي تقف خلف التفجيرات الأخيرة التي استهدفت الرياض.
    الشيخ: أنا لم أسمع والله، أنا أتحدث عن معلومات....
    1. أعمال التفجيرات مدانة

      المذيع: لنفترض أن القاعدة هي التي تقف خلف هذه العمليات، فهل هذا جهاد؟
      الشيخ: أياً كان فاعله -قلت لك ولا جديد- العمل مدان ومنكر، لكن أن أتهم أحداً بعينه فأقول: أنا لم أسمع، وعلى كل حال التحقيق سوف يجري والقضاء سيأخذ حكمه، أما الذي نحن نملكه الآن فنحن ضد أي عمل من هذا النوع على أرض هذه البلاد الطاهرة، وضد أي إنسان يعكر بأدنى ذرة أمن هذه البلاد، فأمنها أمن للإيمان والإسلام وللدعوة، وللحاج والمعتمر.
      أما الجهاد فهو على ثغور الجهاد المعروفة التي نحن هنا بكل الأطياف في هذا البلد مع الجهاد الحقيقي المشروع الذي يقوم به المجاهدون دفاعاً عن أنفسهم ضد المحتلين في أي بلد من بلدان الإسلام، فأكبر رافد وداعم لمشروع الجهاد الحقيقي هو هذا البلد بكل من فيه والحمد لله.
    2. المتهم بأحداث (11) سبتمبر

      المذيع: وأحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي سميت بغزوة نيويورك وواشنطن، هذه الأحداث ارتكبت تحت شعار الإسلام، هل هذه الأحداث من الإسلام في شيء؟
      الشيخ: أنا ما زلت حقيقة وقد دققت في هذا الموضوع وذكرته في رسالتي إلى المثقفين الأمريكيين، أنا ما زلت لا أستطيع أن أتهم جهة بعينها أو أحدد أحداً بعينه، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته أمريكا وتبذله حتى الآن، والمعاناة الشديدة القاسية التي يتعرض لها أبناء الإسلام في جوانتنامو وفي داخل أمريكا، لم يكشف حتى الآن ولم يثبت قضائياً حتى الآن أن فلاناً ما هو فعلاً وراء ما حدث، وأنه فعلاً ينتسب لتنظيم ما.
      كل هذا الكلام عبارة عن ضجة إعلامية، وهناك أمريكان وغربيون اتهموا الموساد واتهموا نفس المخابرات الأمريكية أو المباحث الفدرالية الأمريكية، فهذا الشيء لم يثبت حتى نبني على ذلك أحكاماً أخرى.
      بل إن الخطاب الذي كتبه المثقفون الأمريكان الستون ذكروا بأنفسهم أننا نعلم أن للجهاد في الإسلام شروطاً معروفة لا ينطبق عليها ما حدث.
  2. مسببات ثقافة العنف

     المرفق    
    المذيع: برأيك هذا الشباب الذي يندفع لقتال الصليبيين -كما يسمونهم- ومن بينهم أحياناً المسلمون وأحياناً أبرياء، هذه الثقافة ثقافة القتل والعنف نتيجة ماذا؟
    الشيخ: يجب أن نأخذ الظاهرة معزولة في حدودها، أي: لا يوجد في مجتمعنا هذا بالذات من ينتهج العنف في الدعوة إلى الله إلا أفراداً قلائل جداً لا يكادون يعرفون، هذا أول شيء. فالدعوة في بلادنا ولله الحمد، والمناهج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه كلها تربي في الإنسان حب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى والبذل والتضحية من أجل أن يهتدي الناس، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} كما نقرأ في كتاب الله عن الأنبياء والرسل: ((وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا))[إبراهيم:12].
    أما الظاهرة أولاً، وهي ظاهرة عالمية قبل كل شيء، وظاهرة عالمية في كل مكان، فأول من يجب أن يدان بها هو السياسة الأمريكية الجائرة الظالمة في جميع أنحاء العالم، ولا يوجد الآن دولة -تقريباً- في أمريكا الوسطى ولا دولة في وسط وجنوب أوروبا، ولا دولة في العالم الإسلامي وكذلك جنوب شرق آسيا، إلا وهناك عمليات ضد الأمريكان، وهذا دليل على أن الأمريكان استهدفوا العالم بالعداوة، وهذا لم يكن حاصلاً لـأمريكا قبل سنوات، بل كان الأمريكان في بلادنا هنا يسرحون ويمرحون على الشواطئ وفي كل مكان لا يتعرض لهم أحد، وكذلك أكثر بلاد العالم.
    فأول من ينبغي أن تشير إليه أصابع الاتهام هو سياسة الغطرسة والعنجهية التي ينتهجها اليمين الأصولي المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يقود الإدارة إلى كل ما يريد أن يحقق من المآرب والخطط.
    وهذا شيء عجيب جداً! ولعلي أستشهد بكلمة قالها مستشار ألمانيا، حيث قال: بعد انقطاع قرون من دعاوى الحرب وإعلان الحروب على الأمم باسم الإله -أي: بانتهاء الباباوات الكاثوليك- يفاجئنا رئيس أكبر دولة في العالم ويدعي أن الله فوضه بأن يسحق شعباً بكامله، وكل ذلك باسم الله ومن أجل الله. فإذا كان هذا يقال على لسان رئيس يمثل الحرية والديمقراطية والتقدمية إلى آخر ما يزيف به الغرب علينا وما يروجه من شعارات، وفي دولة تملك آلاف الجامعات والباحثين والمفكرين الذين يرون أنهم تجاوزوا مرحلة العصبية الدينية وغير ذلك، فلماذا نستغرب أن يأتي شباب إن كانوا هم الفاعلين في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي أو غيره.
    على أية حال ...في كل مكان كما قلت، لماذا تستغرب أمريكا أن يعمل ضدها؛ لينتقم منها أمثال هؤلاء، وهي صاحبة الإرهاب الأكبر.
    أمريكا كما صرح نعوم تشومسكي وهو مفكر أمريكي شهير جداً، ومثلك لا يخفى عليه أنه يعرفه، والعالم كله يعرفه تقريباً، حتى قيل: إنه أكثر من يقرأ له بعد البايبل. أي: بعد مجموع التوراة العهد القديم والعهد الجديد، يقول: الدولة الوحيدة التي حكمت عليها محكمة العدل الدولية بأنها إرهابية هي الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تمارس ذلك الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله إلى حد أنها قيدت حرية الصحافة بدرجة كبيرة داخل أمريكا، إلى حد منع الذين يعارضون الحرب من إبداء آرائهم، فهي على كل المستويات تمارس الإرهاب، ومع ذلك إذا وقع ضدها شيء معين أو لا تحسب أنه ضدها وقبل أن يثبت فالمتهم هو الإسلام، وهم شباب الإسلام، وكل دعاة الإسلام عندها متهمون بالتطرف، وهذه البلاد وهذا الكيان الكبير والقلعة العظيمة الإسلامية هذه المملكة متهمة عند أمريكا قيادة وعلماء ومناهج وآمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ودعاة قبل هذا الحادث وبعده، هذا في الدرجة الأولى.
    1. الفرق بين المعتدي والمخالف في الدين

      المذيع: يا شيخ! أنت قلت قبل قليل: بأن هذه العمليات التي تستهدف أمريكا هي نتاج الغطرسة الأمريكية، بينما نرى بأن القاعدة وهي التي تقوم بهذه العمليات لم تستهدف الأمريكيين وحدهم، بل استهدف الصليبيين بشكل عام، يعني الكره للطرف الآخر وهو المسيحي أو اليهودي، برأيك نتيجة ماذا؟
      الشيخ: إذا كان بعض الإخوة لا يفرق فهي مشكلة كبيرة، كل الكنائس في أمريكا أدانت العدوان وانتقدت سياسة الرئيس بوش، إلا الكنيسة الإنجيلية التي يمثلها اليمين المتطرف، وكذلك في أوروبا، سواء هم أخطئوا في عدم التفريق أم لم يخطئوا يجب علينا نحن أن نفرق، فنقول: إن العدو ليس مجرد من يخالفنا في الدين، العداوة في الدين أصل ثابت، وهو حق، ولكن عندما نتكلم عن اعتداء وعلى عدوان علينا فنعني به من باشر الاعتداء بالفعل، وليس مجرد من يخالفنا في الدين.
      وهناك منظمة في أوروبا وفي أمريكا ليس لها نظير، فهم يقتلون كل من يخالفهم، وهناك منظمات هندوسية متعصبة انتشرت في الهند تقتل كل من يخالفها، لكن هؤلاء الذين في العالم العربي والإسلامي عندما يستهدفون أمريكا بالذات، لا يمكن أن يدرجوا مع أولئك؛ لأنه استهدف عدواً محدداً.
      وأنا لا أدافع عن أعمال غير مشروعة على الإطلاق، وقد قلت: إن هذا العمل الذي وقع في بلادنا مدان، لكنني أقول: إن على الساسة الأمريكان أن يفرقوا بين من يستهدف أي مخالف وبين من يستهدف دولة أو فئة بذاتها، كما جاء في بيان المثقفين الأمريكيين أن القضية هي قضية العدوان على الديمقراطية. ولو كانت عدواناً على الديمقراطية لاستهدفت الدول الأكثر ديمقراطية مثل: بريطانيا مثلاً، لو كانت القضية قضية قتل أكبر عدد من الناس لاستهدف أي ملعب من الملاعب في أمريكا.
      لكنّ المحللين المنصفين في أمريكا وغيرها، قالوا: إن على أمريكا أن تسأل نفسها وأن تراجع سياستها في المنطقة؛ لأنها هي المشكلة، ولا أقول: المنطقة فقط، بل في العالم كله، هذا هو منبع الإشكال أو أصله في الأمور كلها.
    2. العوامل التي أدت إلى تفجيرات الرياض

      المذيع: شيخ! لو عدنا إلى التفجيرات الأخيرة التي وقعت في العاصمة السعودية الرياض، هناك عدد من العلماء في المملكة أصدر بياناً نشر على موقع الإسلام اليوم وأنت من ضمن هؤلاء العلماء، حملتم العمليات وما حدث بأنه سبب سياسي واقتصادي، ولكن لم توضحوا بأنه يمكن أن يكون هناك فهم خاطئ للدين؟
      الشيخ: الحقيقة إذا كان هناك شيء في البيان يحتاج إلى مراجعة أو إلى إضافة لا نمنع أبداً، والبيان -كما تعلم- يمثل قدراً مشتركاً بين مجموعة من الموقعين، لكن أقول لك: نحن نحتاج فعلاً إلى أن نعيد النظر في كثير من أمورنا، نحتاج إعادة النظر في حالنا مع الله عز وجل، وفي مناهجنا التعليمية، لا لنحذف مادة الدين ولا الولاء والبراء في العقيدة، بل نؤصل ونزيد فيها مواداً عن الأخلاق وعن حسن التعامل وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وما أشبه ذلك، عن فقه الاختلاف، وتبقى المواد الأخرى قائمة وتعدل بما يخدم مصلحة الدين والإسلام وترسيخ العقيدة.
      أيضاً مناهجنا التربوية، عندما نتكلم عن الجانب الاقتصادي، فإنه يذاع رسمياً أن (40%) من الشباب يعاني من البطالة، فلا يستغرب أن يكون مثل هذا دافعاً لأي عمل، وإن كنت أقول وما زلت أقول: سبق في تفجيرات العلية مثلاً اتهم بصراحة، أو كثير من الكتاب اتهموا حزباً معروفاً خارج البلاد، وكانت النتيجة غير ذلك، وكذلك ما تلاها من أحداث.
      فأنا أقول: لا يجوز أن نستبق الأحداث بتحديد الفاعل، ولكن الذي يجب علينا أن نتأمل جميع الأسباب وأن ندرسها، وأن نعلم أن شبابنا أحوج ما يكون إلى إعادة النظر في تربيته وإيجاد فرص العمل له، ترك الغلو الآخر الذي ينصب علينا من الفساد الإعلامي، فالكلام الذي يتكلم به بعض المذيعين في هذه الأيام والله إنه يكاد يمزق قلب الحليم، فما بالك بمثل هؤلاء الشباب؟!
      هؤلاء الذين يصبون الوقود على النار، ماذا يريدون عندما يتكلمون عن إلغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلغاء المناهج الدراسية، يعني إلغاء الدين والإسلام وإلغاء وجودنا؟!
      المذيع: يا دكتور! هؤلاء يطالبون بتصحيح الهيئة ....
      الشيخ: يا أخي! لا تدافع فلست منهم، ولا سمعت كلاماً منهم، الذي سمعت لا يقبل الدفاع، فإذا قلت: إننا نعيد النظر في التربية فنعم، وأنا وأنت أول من يبدأ بذلك وكل شخص، نعم يجب أن نعيد النظر، فأي حادث يقع فهو عبرة للمؤمن، ونحن -والحمد لله- مسلمون ومؤمنون، وعندنا المرجع الثابت كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا بد أن نعيد النظر في كل أمر لنرى مطابقته له.
      أما إذا أعدنا النظر بما يرضي وبما يطابق ما يقوله أعداؤنا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمناهج فهذه في الحقيقة أسوأ ما يمكن أن نقدمه، وهي أكبر خدمة تقدم لهذا العدو الذي يتربص بنا الدوائر.
      المذيع: يعني أنت لا ترى أن هذه المناهج التعليمية أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها سلبيات تستحق أن تصحح؟
      الشيخ: إن كانت القضية قضية وجود السلبية فلا يوجد إدارة حكومية في المملكة إلا وفيها سلبيات، أما إذا كانت السلبيات هذه هي التي أحدثت هذا العمل فأنا أقول: ندرس الموضوع دراسة متكاملة، ومن جملتها البطالة، هل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسئولة عن البطالة؟ هل هي مسئولة عن تفلت الشباب وسفرهم إلى الخارج ليتلقفوا المعلومات المغلوطة أو الغلو، أو كيف يتعلمون تهريب المتفجرات، هل هذه هي مسئولية الهيئة؟
      أنا أقول: هناك جهات كثيرة جداً من مسئوليتها هذا العمل، فما للهيئة من أخطاء يناقش على أنه تقصير منها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في البلد، ولا علاقة له أبداً بهذا الأمر.
    3. حاجة الشباب إلى التدين الصحيح

      المذيع: دكتور! هؤلاء الشباب بعدما نفذوا عملياتهم بخاصة أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ورأينا في وصاياهم بأنهم لم يخرجوا علينا ويقولون: نحن نعاني من مشكلة اقتصادية ونحن ... بل يعني ألبسوها لباس الدين!
      الشيخ: القضية ليست اللباس أو عدم اللباس، نحن لا نتكلم عما يقوله أي طرف، نحن نتكلم عن الأسباب التي يراها المحلل والمربي المتعمق، هناك مشكلات كثيرة جداً، هناك تقرير اشتركت فيه (12) جهة مسئولة في المملكة وعلى رأسها وزارة العمل والشئون الاجتماعية يؤكد حاجة الشباب إلى التدين الصحيح المستقيم، وأن الضغط على الدعوة والتضييق عليها هو الذي يولد مثل هذه الأمور.
      هناك أيضاً مساحات هائلة يغطيها إعلامنا من اللهو والعبث والفراغ والأجدر أن تعبأ في توجيه الشباب وتقويمهم لطاعة الله وطاعة والديهم، وإصلاح مجتمعهم، والعمل المفيد النافع لخدمة بلادهم .. هناك مشروعات طرحت وطرحها كثير من الشباب في أكثر من لقاء، لماذا لا يكون لدينا تجنيد إجباري؟ لماذا لا يكون لدينا تدريب؟
      فلنستمع إلى هؤلاء الشباب ولننظر ونتدارك ولندرس، أما أن نظل في لهو وعبث وبعدٍ عن الله سبحانه وتعالى، وعن طريق الجادة، ثم إذا وقع حدث حمّلناه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومدرس الدين، وعقيدة الولاء والبراء، فالحقيقة هذا منكر من القول، ويجب أن نتصدى له بكل قوة، وأنا حقيقة أقول: لا ينبغي أن نقف عند حد أن نكتب مقالاً في الرد، فهؤلاء ضد دستور البلاد وكيانها، ويجب أن يحاربوا، وعلى أهل الخير أن يحتسبوا في إقامة الدعاوى عليهم، وعلى القضاة أن يستقبلوا الدعاوى ويحكموا فيهم بحكم الله عز وجل، والذي نحن جميعاً هنا نرتضيه، ولا بديل له عندنا ولله الحمد في هذه البلاد.
      المذيع: دعنا ننقل لك هذا الاتهام: هنا من يقول بأن هؤلاء الشباب نتاج لرفض الآخر وترسيخ رفض الآخر، وأنت في حديث لك صحفي قلت: إن الحرب مع الصليب مستمرة إلى قيام الساعة.
      الشيخ: أنا لم أقل هذا من عندي، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا، أما رفض الآخر فقد مورس ضدنا، نحن الذين عانينا منه، نحن الذين كنا نضبط الشباب، لم يحدث أي تفجير عندما كانت هناك ندوات ومحاضرات في كل مناطق المملكة، عندما كان يفتش في المواقف والطرق عن شريط هاذم اللذات، قلت لأحد المسئولين الكبار: اتقوا الله! هذا شريط موعظة عن الموت تفتشون عنه، والله لئن ضيقتم على الدعوة لينتقمن الله منكم -ونعوذ بالله من ذلك- حتى تفتشوا عن الديناميت والمتفجرات، الذي ضيق عليه والذي حورب وحوصر هو الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، مع أنها دعوة على منهاج النبوة، ولما ضيق على الدعوة المعتدلة الوسطية المستقيمة على منهج الوسط، ظهرت الاتجاهات من هاهنا وهاهنا، فنحن الذين عانينا ذلك، فلا يزايد علينا مزايد ويقول: تعديل المناهج ولا غير ذلك، نحن الذين كنا وما زلنا ضد العنف، وضد تعكير الأمن سابقاً ولاحقاً مع ما تعرضنا له ولله الحمد، وذلك نحتسبه عند الله عز وجل ولا نذكره إلا على سبيل تصحيح نظرة هؤلاء الذين يزايدون في وسائل الإعلام المختلفة.
  3. نشأة الحملة العالمية لمقاومة العدوان

     المرفق    
    المذيع: ننتقل يا شيخ إلى نقطة ثانية: وهي الحملة العالمية لمقاومة العدوان، هذه الحملة ضمت عدداً من علماء المسلمين، وجعلتم مكافحة العدوان شعاراً لها، يعني مكافحة العدوان بأي شكل؟
    الشيخ: في الحقيقة البيان التأسيسي معلن وموجود على الموقع، ونشرته وسائل الإعلام، العدوان هذا هو الذي من أجله اجتمعت هذه النخبة الطيبة الكريمة من أنحاء العالم الإسلامي، العدوان الذي تتعرض له الأمة الإسلامية الآن عدوان شامل ومخطط له ومنهجي ولا يريد أن يبقي لنا وجوداً ولا هوية ولا عقيدة ولا ثقافة، بل ولا حضارة، فهو استهداف مباشر للإسلام بالدرجة الأولى.
    ولذلك اجتمع هؤلاء الأفاضل، منهم رؤساء أحزاب كبرى يتبعها ملايين في العالم الإسلامي، ومنهم وزراء وبرلمانيون، ومحامون، ورجال أعمال، وبالطبع العلماء والفقهاء، ومثقفون كثير، اجتمعوا على أن يقوموا بالواجب المشترك الذي لا يسقط عن هذه الأمة، والذي لا يعفينا منه قيام الحكومات -فَرَضَاً- بواجبها، أو قيام جهات أخرى بواجبها، مع أن التقصير واضح للعيان، وهو أن نبين للأمة حقيقة هذه المخططات العدوانية .. أن نبين لها أن من الضروري جداً أن ترجع إلى عقيدتها وإيمانها وأصالتها .. أن نعيد لها ثقتها بالله تبارك وتعالى، وأنها الأمة الغالبة المنتصرة: ((وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ))[الصافات:173] وبإذن الله عز وجل وكما أخبرنا ربنا تبارك وتعالى: ((وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ))[الأنبياء:105].
    بعد مأساة العراق وقبلها المآسي والجراح العميقة، جاءت هذه الحملة لتثبت أننا أمة موجودة، وأننا أمة قائمة وصامدة بإذن الله، ولا شك أن الحملة هي الحد الأدنى، ولا شك أن الإمكانيات كما تعلم ويعلم الجميع محدودة، لكن الاجتماع على هذا الهدف العظيم هو بداية انتصار على الهوى والنفس والحزبيات الضيقة، وعلى التجمعات الإقليمية، لنعيد مفهوم أننا أمة واحدة تعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى، وتواجه بما تستطيع؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يكلفنا أن نعد إلا ما نستطيع، ودورنا نحن باعتبار أن العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين هو الدور السلمي، يعني الضغط عن طريق الكلمة، والمقالة والحوار والندوة، وأي وسيلة أخرى فاعلة ومؤثرة، ونحن نعيش في هذا العالم ونتفاعل مع أحداثه، ونرى أن هذه الضغوط مجدية ونافعة، ويكفي لجدواها أن تقنع الشعوب ومحبي العدل والسلام حتى داخل دول العدوان بأن هذا العدوان مرفوض، وقد رفضوه، وأهل الحق منهم حقيقة رفضوه، وهم متعاونون معنا، ولدينا رسائل كثيرة جداً من زعماء وقادة وبرلمانيين ومحامين يقولون: نحن معكم وضد الاعتداء، ونحن نريد أن نعيش على هذا الكوكب في أمن وسلام.
    1. دور الحملة العالمية في المقاومة والتوعية

      المذيع: الحملة العالمية لمقاومة العدوان قلتم: إن من أهداف هذه الحملة مقاومة العدوان سلمياً، هل برأيك أن العدوان يقاوم سلمياً، العدوان أنتم أسميتموه عدواناً، والعدوان لا يرد إلا بقتال، يعني هناك من يرى أنكم استبدلتم ذروة سنام الإسلام وهو فريضة الجهاد بخطب توعية؟
      الشيخ: الحقيقة أننا عندما ننظر إلى حقيقة الإسلام من ناحية ومعنى الجهاد من ناحية أخرى، ومعنى العدوان من ناحية أخرى تكتمل الصورة لدينا، العدوان هنا شامل، يستهدف مناهجنا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. يستهدف المرأة المسلمة والعفة والفضيلة والطهارة، فهذه لها بابها الذي هو ليس القتال، العدوان أيضاً يستهدف مسخ القيم الإسلامية والهوية الإسلامية، والحرب النفسية المركزة العنيفة التي تفقد المؤمن الثقة بالله، والثقة في مستقبله، وتجعله يذوب في عدوه ويفنى في حضارته عن نفسه، وهذه أيضاً لها جانب، وهي الحرب عن طريق تقوية الإيمان، والنهوض بالهمم الإيمانية والإسلامية، وبيان أن الأمة ولله الحمد هي الغالبة والمنتصرة كما وعد الله وكما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم.
      وهكذا الإعلام، وأنت تعلم أهمية الإعلام، وأن الحرب الأخيرة على العراق هي حرب إعلامية أكثر منها أي شيء آخر، فالإعلام أيضاً دور مهم وجانب مهم .. جانب القانون والمقاضاة والمحاكمات جانب مهم، وهكذا نحن في حدود ما نستطيع ولا يمكن أن ننسى أن الجهاد ذروة سنام الإسلام أبداً، لكن الجهاد له شروطه وأماكنه ومفهومه الصحيح، الذي لو -لا قدر الله- فُهم خطأ فمعاده ربما عاد علينا نحن بالمشكلة والكارثة.
      فالقضية ليست بالدعاوى، بل القضية بالحقائق، وحقيقة الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى يحتاج إلى راية واجتماع وقيادة، وهذا هو شأن الأمة عندما تكون لها خلافة راشدة، وعندما يكون لها قيادة من أهل الحل والعقد، وتجمع بكليتها لتقاوم عدواً، أو مثل المقاومات الجزئية الموجودة الآن في العالم الإسلامي، هناك مقاومات جهادية على الثغور.
      والمجاهد الحقيقي -يا أخي الكريم- هو المرابط على الثغر يدافع عن دينه ويحمي عرضه وبلده، ويقاوم المحتل الصليبي كائناً من كان، ليس الذي يتكلم ويتحدث ويكتب مقالاً باسم مستعار، ليس هذا هو الجهاد الحقيقي الذي نريده، وهذا لن يقدم للأمة أي شيء، لكن نحن ولله الحمد نقول: الخطوة الأولى هي الاجتماع على بيان حقيقة هذا العدوان وإيضاح حقائق الإسلام.
      ثم الخطوة الثانية وقد تكون بعد جيل أو جيلين إن شاء الله -والله أعلم لا ندري- تكون بتوحد الأمة واجتماع كلمتها ككيانات وحكومات، وينشأ من ذلك أهل الحل والعقد، وتتشكل الراية، وينطلق الجهاد الذي لا بد أن يقع، والذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم سواء في أرض الشام أو في غيرها، لكن هذا علمه عند الله، ولا نملك نحن تحقيق ذلك.
    2. علاقة الحملة بالتورية في السياسة الشرعية

      المذيع: قلت يا شيخ في حديث صحفي لك سابقاً: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يغزو قبيلة ورى بغيرها، كأنه يريد غزو غيرها؛ لكي يباغتها، واليوم تأتي مواقف تحتاج فيها الأمة للتورية ضمن السياسة الشرعية، فهل هذه الحملة ضمن التورية، والتورية ضمن السياسة الشرعية؟
      الشيخ: طبعاً الكلام هذا قيل قبل الحملة، أنا أقصد بهذا أننا نحن لا نظهر أو نتحدث عن كل ما لدينا، أو عن كل ما نريد أن نفعله، مثلاً: عندما يأتي خطيب ويخطب ويقول: الجهاد حق لا بد منه، وجهاد أمريكا ويتكلم، ويكرر هذه العبارات في نيويورك مثلاً، فلو قال هذا الكلام في أمريكا مثلاً فإنه يعرض نفسه لأن يقبض عليه، وأن يقفل المسجد ويتابع، وهو في الحقيقة ليس عنده جهاد، لكن لو كان هذا المتكلم عن الدعوة إلى الله وشرح محاسن الإسلام لكان هو الأولى، لو قلنا له ذلك لقال: تنكرون الجهاد؟! لا. لا ننكره، ولكن أنت تتحدث الآن عن وضع وعن واقع معاش، عن مشكلة أمامك، أنت متهم بالإرهاب، فالحديث الذي يعطي عدوك ما يبرر ذلك، إلا إذا كنت تتكلم عن الجهاد وتشرح أحكامه وشروطه وضوابطه لتبينها، وليس لديك أنت الآن استعداد لهذا العمل، نحن نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة، وينبغي أن يؤخذ كلامه في إطار كلي وسياق كلي، قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسل قبله صبروا على الأذى مرحلة معينة حتى قويت شوكة الدعوة ونهضت.
      لو استطعنا في أمريكا مثلاً أن نصبر ونتحمل الأذى حتى يكون لنا من الضغوط ما للوبي الصهيوني أو قريب من ذلك- تتغير الحال، لكن نحن نتكلم عن استئصال أو إبادة أو عنف، ونحن أصلاً لا نملك ذلك وليس لدينا... فتتعرض المساجد هناك للخطر وللضرر، بينما لم يكن هناك أي شيء، بل الدعوة إلى الله التي أثبتت جدواها وأثبتت أننا عندما نقول: إن في الغرب مجتمعات تقبل الدين وتقبل الإيمان، ولكن تحول دونها المنظمات الحاقدة أو الحكومات الفاسدة، فقد ثبت أننا على الحق في هذا ولله الحمد؛ لأن الذين دخلوا في الإسلام في أمريكا بعد الأحداث هم أضعاف ما كان يدخل قبلها هناك.
      المذيع: ألا ترى يا شيخ أن هذه الحملة هي بمثابة تعبئة الأمة أو تعبئة الشباب ودفعهم إلى كره الآخر، والولايات المتحدة أو الغرب، وبالتالي لجوءهم إلى القيام بأعمال -كما توصف- إرهابية؟
      الشيخ: الحملة عنوانها صريح وواضح .. مقاومة الإرهاب، نحن الآن المعتدى علينا .. نحن الذين تنهب خيراتنا .. نحن الذين يراد أن تطمس ثقافتنا، نحن الذين دمرت مكتباتنا كما دمر التتار مكاتب بغداد ورأى العالم ذلك .. نحن الآن المعتدى علينا، لسنا في موقع الهجوم، نحن نريد أن نقول لهذه الأمة: اصبري واثبتي وعودي إلى وعيك، وأفيقي من غفلتك وانهضي على قدميك.
    3. حقيقة الإصلاحات الأمريكية

      المذيع: دكتور! من هذا الذي اعتدى عليكم؟ لماذا أنتم مؤمنون بنظرية المؤامرة بهذا الشكل؟
      الشيخ: الذي وقع في بغداد مؤامرة أو وقع للعيان...؟
      المذيع: نحن نرى الشعب العراقي وهو صاحب الشأن كان أكثر المرحبين بوجود القوات الأمريكية..
      الشيخ: عفواً! اليوم مئات الألوف ضد القوات الأمريكية .. العملاء موجودون في كل مكان، العملاء في أفغانستان موجودون، وهناك موجودون، وهنا موجودون .. الذين يطالبون عندنا هنا بتغيير المناهج وإفساد المرأة موجودون، وهؤلاء ليسوا هم الشعب الأفغاني ولا العراقي ولا السعودي، لكن نحن نتكلم عن أرض العراق كوقف فتحه الصحابة، وتظل أرض إسلام إلى قيام الساعة.
      القضية الفلسطينية شهدت عملاء من هذا النوع، والآن انظر! كيف كانت المقاومة بعد خمسين عاماً.
      فنحن لا نجعل الحجة هم أولئك، إنما الحجة هم الذين يثبتون على الأصل، الذوبان الفكري أو الهزيمة النفسية التي قد تحيط بالأمة والصدمة والذهول الذي قد يعتريها.. وفي النهاية ترجع، أي: غادرها التتار أو أسلموا .. غادرها الصليبيون وأسلم من أسلم منهم، غادرها الاستعمار الأوروبي في القرن الماضي وانتهى أمره وسوف يغادرها هذا الاستعمار سوف تعود إلى دينها.
      المذيع: دكتور! أرض العراق التي قلت: إنها أرض الصحابة هي كانت تحت حكم قوة طاغية، تتبع حزب مبادئه تتنافى مع مبادئ الإسلام، ومع هذا لم تتحدثوا، فلماذا الآن تحدثتم وبدأتم في التحرك؟
      الشيخ: أنا أقول لك شيئاً إذا قلت لي لم أتحدث: أنا عانيت في كثير من محاضراتي وفي كتابي العلمانية أنه لم يكد يفصح لأنني قلت: حزب البعث حزب مرتد وصليبي، وإلى آخر تعريفي العلمي له، وعانيت من هذا في أيام عز العلاقة القوية بين الحكومة العراقية وبقية الدول العربية، وهذه مأساة أرجو ألا تفتحها لي.
      المذيع: أيضاً موضوع القوات الأمريكية ووجودها في العراق، هناك من يرى بأن القوات الأمريكية والولايات المتحدة بشكل عام تحمل مشروعاً على الأقل يستحق الاحترام، فخلصت العراق من نظام طاغية، وأيضاً تحمل مشروعاً ديمقراطياً، فكثير من الدول العربية لم نكن نسمع فيها بالإصلاحات السياسية، فبدأنا نسمع بالإصلاحات السياسية مع بداية التلميحات الأمريكية.
      الشيخ: نعم الذي يقول هذا موجود وكثير، ويريدون أن أمريكا أيضاً تدخل -لا قدّر الله- الرياض، وتعمل إصلاحات، وتدخل -لا قدر الله- إلى قطر وصنعاء، وتعمل إصلاحات، وهؤلاء مرفوضون إيمانياً وعقدياً، أي إصلاح يأتينا عن طريق الأمريكان مرفوض، إصلاحنا ينبع منا، من إيماننا ومن ذواتنا ومن كتاب ربنا وسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، ومن تمسكنا بسنة الخلفاء الراشدين في الحكم، ومن هنا ينبع الإصلاح، وما عدا ذلك فهو هدم وإفساد أو تزويق لشعارات، وتحتها يخفون المآرب مع أنها مكشوفة، أول ما اهتموا به وزارة النفط هو الخط إلى داخل الدولة الصهيونية .. أول ما اهتموا به المناطق الغربية لحفظ أمن دولة إسرائيل .. دمروا المؤسسات العلمية لتأخير الشعب العراقي، وقتلوه قبل ذلك بالحصار.
      نفس مشكلة وجود هذا الحزب هي من تدبير وصنائع الغرب، من الذي أنشأ القومية العربية؟ من الذي دعمها وأيدها؟ أليس الغرب يكافح بـالقومية التركية ويمزق الأمة؟ نحن جراحاتنا عميقة جداً ولا تحل إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا ما نؤمن به.
      أما أن يأتي عدو فيسفك الدماء، ويهدم، ويخرب، ويقول: إنني جئتكم بالحرية أو بالتقدمية، فهذه لا يصدقها في الحقيقة إلا أولئك الذين هم أصلاً محسوبون عليه، وهم عملاؤه ولا يبالون حتى لو دخل إلى أقدس البلاد لا قدر الله.
      المذيع: في ختام برنامجنا ليس لي إلا أن أشكر فضيلة الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي الرئيس السابق لقسم العقيدة بجامعة أم القرى بـمكة المكرمة وإلى اللقاء.